(السلطة) بين شح الماء والمال
من عدم توفر السيولة المالية، وكما هو متوقع،تعيش سلطة المياه واقعا يحاكي عنوانا لكتاب ادونيس»ليس الماء وحده جوابا على العطش».
فضمن التحديات التي يعاني منها الوضع المائي المحلي، يتقدم شح المصادر المالية على المائية،وأثره كان لعدة سنوات مضت،مقتصرا على توقف أو تأجيل تنفيذ مشاريع كبرى تتعلق بتغيير شبكات بناء، أو بناء محطات تنقية،أو إيصال المياه لتجمعات سكانية تنتظر من سنوات وحان دورها،هذا العام دخل تأثيرها إلى عمق عمل سلطة المياه.
إذ،هنالك من الآبار ما هو متوقف عن العمل بلا كهرباء،ولا تستطيع سلطة المياه ربطه بالكهرباء لعدم توفر المخصصات المالية،وتلك الابار تحتاج أيضا إلى مضخات لتركب عليها قبل التعمق في فصل الصيف وارتفاع الطلب على المياه، هي أيضا بالانتظار لعدم وجود المخصصات المالية.
وعلى نحو أدق،فان عدم وجود أو توفر المخصصات المالية لا يعود فقط إلى تقلص الموازنة المالية لسلطة المياه عن الاعوام السابقة،بل لعدم حصول سلطة المياه على المخصصات المالية لها والمرصودة لها في موازنتها من وزارة المالية حيث تبلغ 332 مليون دينار.
يمكن ان نفترض،أن شح المصادر المائية معروف لوزارة المياه وتملك من الخطط ما يكفي لحلها، ومن مثلها مشروع ناقل البحرين،فهو الحل الامثل لشح مصادر المياه،لكنها تصطدم بالتحدي الآخر وهو توفر السيولة لتنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي،ولذلك يكون الطريق الامثل لتوفير التمويل له نظام الـBOT، وعليه يتم إعطاء التجمعات والشركات بناء هذه المشاريع وإدارتها لفترة معينة،ثم تحول للحكومة.
لكن ما لا يفترض،ان يصل الاختناق المالي لسلطة المياه الى ما يكفي ليعجزها على الاقل عن تنفيذ تحضيراتها لاستقبال الصيف،وهو كما يقول امين عام سلطة المياه المهندس فايز البطاينة «ليس كاي صيف سابق».
ويضيف»نحاول في سلطة المياه ان يكون الصيف الحالي كسابقه على اقل تقدير بالرغم من طارئة اللاجئين السوريين والتوقعات بارتفاع زوار المملكة هذا الصيف».
ويزيد البطاينة «الوضع المائي الشحيح يتزامن هذا الموسم مع وضع مالي شحيح،وعدم توفر مخصصات لشراء كيبلات ومضخات وغيرها من المعدات».
ويشير الى «ان جهود سلطة المياه لاعادة تاهيل عدد كبير من الابار لزيادة كميات المياه المستخرجة منها في مناطق متعددة من المملكة يصطدم بالشح المالي».
ويلفت الى «ان المشكلة تتعاظم عندما تتعرض المصادر المائية لاعتداءات من قبل بعض المواطنين سواء بكسر خطوط المياه او سرقة الكوابل والمحولات الامر الذي يستنزف جهود السلطة المالية والمائية لما يتطلبه اعادة التشغيل من وقت زمني يعيق عمل السلطة في ايصال المياه الى المناطق المتضررة».
ويذكر البطاينة «في المملكة 600 بئر للمياه،وتوفير مضخات احتياط لها امر صعب مالي لارتفاع كلفتها في الوضع العادي».
ويقول «موازنتنا المالية لم نتلق منها اي مبلغ من شهر تشرين ثاني من العام الماضي،اي ان السلطة بلا مخصصات مالية من 6 اشهر، لتتمكن السلطة من القيام بالتزاماتها».
ويستطرد «تقتصر اعمالنا المالية على الاجزاء الضرورية جدا والطارئة جدا،كان لم يكن يكفينا تاثير تخفيض النفقات الجارية والراسمالية،وهو ما ادى بدوره لتقليص دور السلطة والتوقف عن الوفاء بالتزاماتها».
ويشرح البطاينة «المقاولون ينتظرون مستحقاتهم المالية وهي بالمناسبة دفعات كبيرة من الملايين،وبدأ بعضهم فعليا بوقف تنفيذ مشاريع لسلطة المياه لعدم قدرتها على دفع مستحقاتهم».