أسر تتفاجأ بعاملات منازل يعانين أمراضا مستعصية


التقييم: ضعيف
عدد التقييمات : 6


 جرش نت- ما إن تصل العاملة إلى بيت مخدوميها، حتى تتنفس الأسرة الصعداء للراحة التي ستلقاها بعد طول معاناة، إلا أنها تصطدم بالواقع الأكثر إنهاكا، وهو اكتشافها لمرض العاملة وبداية رحلة متعبة مع المكتب الذي تتبع له، والعلاج الذي قد يمتد لشهور ويمكن أن يصل إلى تسفيرها.

فلم تتوقف مشاكل العاملات عند صعوبة استقدامهن، أو حتى هروبهن من بيوت مخدوميهم، بل أصبحت الأسر تعاني من مشاكل أكثر ضررا وتأثيرا، ليس على ربة المنزل فحسب وإنما على أفراد العائلة بأكملها.
الخمسينية فاطمة ملك، التي تعيش حالة من الصراع بين انتظارها لعاملة تعينها على العمل في البيت، ورفض المكتب تعويضها عن العاملة المريضة، واجهت مشكلة جديدة، عند قدوم عاملتها التي كانت تعاني من أمراض تتطلب علاجا وراحة مستمرتين، حالت دون قيامها بأعمالها على أكمل وجه.
والأكثر مرارة ومعاناة لفاطمة، عندما اكتشفت عدم قدرة خادمتها على الرؤية بشكل جيد، وتصل في معظم الأحيان إلى فقدان البصر تماما، ما دفعها للذهاب بها إلى مستشفى خاص للعيون "وتولد الخوف لدي أن تحرق نفسها بالنار أو أن تسبب لنفسها مصيبة لأنها لاترى، خاصة عندما رأت عينيها بيضاوَيْن خاليين تماما  من البؤبؤ"، وفق ما تصف.
وتضيف ملك "إنها وبعد رؤية ذلك المنظر قامت بإعادتها للمكتب، الذي أحضرتها منه والذي بدوره اتهم العاملة بالتمثيل والادعاء، وأنها سليمة لا تعاني من شيء، كما أنني وبعد تفتيش حقائبها عدة مرات، لم أجد أي نوع من الأدوية".
وتتابع الحديث عن معاناتها "أنه بعد أيام بحثت عنها لساعات طويلة ولم أجدها، حتى رأيتها مستلقية في الحمام تتقيأ دما، وكانت حالها مزرية، وكانت في حالة إعياء كاملة، فأحسست أن طريقي مليئة بالمشاكل، خصوصا بعد حصولي على تقرير طبي مصدق من نقابة الأطباء ومديرية الصحة يفيد بمعاناتها من الصرع وتشنجات عضلية وعدم قدرتها على أداء مهامها".
لكن مكتب الاستقدام رفض الاعتراف بالتقرير الطبي، وفق ما تقول فاطمة، مشيرة إلى أنه طالبها بالتنازل عنها في وزارة العمل الأمر الذي يخسرني 500 دينار، وعندما طالبته برد مبلغ الإقامة رفض مجددا "فلم أجد أمامي سوى الاتجاه إلى وزارة العمل، التي لم تحرك ساكنا لكل الاثباتات التي قمت بتقديمها لهم".
وتوضح أن وزارة العمل ردت التقرير لعدم احتوائه على جملة "غير قادرة على أداء مهامها"، وبعد تعديله تم إمهال المكتب اسبوعا لتعويضها، ولم يحدث إلى الآن أي تغيير.
حالات عديدة أصابها الضرر من استقدام عاملات المنازل، فهذه الخمسينية آمنة التي دفعت 2600 دينار من أجل احضار عاملة "ليس للوجاهة وانما لحاجتي الماسة لها، بسبب المرض" وفق ما تقول.
وتعبر عن حالتها بقولها: "الله أعلم كم تغلبت حتى استطعت، أن أجمع المبلغ المطلوب لإحضارها"، لافتة إلى أنها طلبت من المكتب أن يحضر لها عاملة تعلمها بنفسها أصول العمل، ولكن لم تدم فرحتها بحضور العاملة كثيرا، فما أن بدأت بالعمل، حتى تبين أنها مصابة بأزمة "ربو"، وغير قادرة على التعامل مع المنظفات والمواد الكيماوية لأسباب صحية، إلى جانب أدوية "الكوتزون" وغيره.
وتقول: "لا أعلم كيف يمكن للمكتب أن يبعث لي عاملة، لا تستطيع التعامل مع أدوات التنظيف"، مؤكدة إرسالها إلى طبيب مختص لإجراء الفحوصات اللازمة والتأكد من حقيقة وضعها الصحي، حيث منح الطبيب المختص تقريرا طبيا يؤكد إصابة العاملة بالربو، ما يحول دون قدرتها على أداء مهامها الوظيفية بالشكل الصحيح.
وتؤكد أنه بعد حصولها على التقرير الطبي، قامت بارجاع العاملة إلى المكتب، الذي قام بدوره باستبدالها بعاملة أخرى، كانت مصابة أيضا بالأكزيما في جسدها كاملا، إضافة إلى "الثآليل المعدية"، للأطفال قبل الكبار، ثم أعدتها إلى المكتب برفقة تقرير طبي يبين خطورة وضعها، حتى طلب منها انتظار الثالثة، و"ها أنا أنتظر منذ ثمانية شهور"، بحسب ما تقول.
ويبين مدير صحة الأمراض الصدرية والوافدين الدكتور خالد أبورمان، اهتمام وزارة الصحة بالمحافظة على الصحة العامة، والحرص على عدم قدوم عاملات يشكلن خطرا على الصحة والسلامة العامة للمواطن، مشيرا الى التركيز في الفحوصات على الأمراض المزمنة والسارية مثل الأيدز، السل والكبد الوبائي.
ويؤكد أن ذلك لا يعني اغفال الوزارة عن الاهتمام بالأمراض الأخرى كالربو، الصرع والاضطرابات، حيث تمنع الوزارة دخول العاملات اللواتي يعانين من مشاكل جسمية أو نفسية، مشيرا الى التنسيق والتعاون بين وزارتي الصحة والعمل في وضع شروط تتمثل في الصحة الجيدة للعاملات، والقدرة على العمل.
ويرى أنه من الصعوبة وضع تقرير صحي شامل ومفصل لكافة العاملات، لأن ذلك يتطلب وقتا وجهدا وميزانية، موضحا عدم اهمال الأمر، إذ لا يتم المصادقة على دخول العاملة، إلا في حال توقيع اتفاقية من قبل وزارة الصحة أو منظمة دولية لبلد المنشأ ذات شأن بصحة الوافدين، بتقديم تقرير طبي مفصل يبين الفحوصات الطبية اللازمة للعاملات.
ويشير في حال وصول العاملة، يرفق معها تقرير طبي، فإذا كانت تعاني من ربو أو سكري، أو مشاكل في النظر أو صرع، وكذلك بيان عدم قدرتها على العمل، عندها تعاد العاملة إلى المكتب، الذي يفترض به ارجاعها إلى بلدها، مؤكدا أن تقرير وزارة الصحة هو الفصل في هذا الموضوع.
ويؤكد مدير الدائرة الاعلامية والاقتصادية في وزارة العمل هيثم خصاونة، اشتراط أن تكون العاملة خالية من الأمراض المعدية والسارية، خصوصا الايدز، إضافة إلى بعض الأمراض الأخرى التي تحول دون قدرتها على القيام بمهامها على أكمل وجه، "شريطة أن تكون مطابقة لشروط الاستقدام بحسب الدولة المسموح احضار العاملات منها"، بحسب قوله.
ويدعو المواطنين أن يكونوا أكثر حرصا ووعيا في تعاملهم مع مكاتب الاستقدام، مؤكدا ضرورة التعامل مع المكاتب المرخصة التي يشهد بالتزامها في القوانين، في حين أن المكاتب غير المرخصة تكون مليئة عادة بالمشاكل.
وينصح أن يدفع المواطن جزءا من المبلغ فقط قبل مجيء العاملة، ومن ثم أن يستكمل باقي المبلغ بعد أن يتأكد من وصول العاملة وسلامتها.
ويوضح في حال وجود شكاوى بسبب الظروف الصحية للعاملات، أن يقوم المخدوم بتقديم شكوى لمديرية العاملين في المنازل، والتي تقوم بدورها بالتحقق من الموضوع من خلال تقارير طبية، تؤكد عدم قدرة العاملة على أداء مهمتها، وبالتالي تعاد العاملة إلى المكتب، ويمهل صاحبه بثلاثة شهور لاستبدالها، أو تعويض المخدوم بدل التكاليف التي دفعها.
ويؤكد صاحب مكتب استقدام عادل حرب، ضرورة الالتزام بالقوانين والتعليمات"، ووجوب أن تكون العاملة خاضعة للفحص الطبي الشامل، الذي يبين خلوها من الأمراض وقدرتها على ممارسة عملها بالشكل الصحيح.
ويعتقد أن السبب وراء ظهور المشاكل هو تهاون الحكومة باستقدام العاملات من الدول الأخرى، مؤكدا أن "العاملات التي يتم رفضهن من دول الخليج يتم قبولها في الأردن، معتبرا أن تهميش الدولة لقطاع استقدام العاملات، وعدم الاهتمام به، السبب في ظهور المشاكل".
ويوجه اللوم إلى الحكومة ومنظمات حقوق الانسان، الذين يهتمون مشاعر العاملات في حين أن المواطن الأردني لا يهتمون به، مؤكدا أن على وزارة العمل أن تعتمد مكاتب من بلاد المنشأ؛ تعوض المواطن وصاحب المكتب عن الخسائر، في حال هروب العاملة أو حتى مرضها.
بدوره يفترض اختصاصي علم الاجتماع مفيد سرحان منذ البداية أن يكون هناك اهتمام خاص بالعاملات، إذ لا يقتصر عملهن على المسألة الخدمية فحسب بل تدخل كطرف ثالق في تربية الأبناء.
ويؤكد سرحان ضرورة اجراء فحص شامل لهؤلاء العاملات والتأكد من خلوهن من الأمراض التي تؤدي إلى التأثير بشكل مباشر على عملهن، الأمر الذي قد يلحق الضرر بالجانب المادي والنفسي على الأسرة، مضيفا أن وجود عاملة مصابة بمرض ما، يحول دون تحقيق الهدف الذي جلبت لأجله.
ويرى سرحان ان هناك العديد من الأمراض التي قد تصاب بها العاملة ولا تدخل من ضمن الأمراض السارية والمعدية والتي تؤثر بشكل كبير على الأسرة والأطفال.
ويجد سرحان أن مثل هذه الظروف تضع الأسرة تحت أمر واقع، خصوصا عندما تكون الأسرة مهيأة نفسها ومرتبة حياتها على وجود العاملة، مؤكدا على أن الفحص، الرقابة والعقوبات الجزائية من الممكن أن تحد من آثار هذه المشكلة.
وينصح الأسر باتباع بعض الاجراءات للتعامل مع مثل هذه الحالات" من خلال مراقبة سلوكيات العاملة وما يطرأ عليها من أعراض، السماع لأي ملاحظة من قبل الأبناء، خصوصا في فترات غياب الوالدين عن المنزل، فضلا عن محاولة قضاء وقت أطول في المنزل ومراقبة أي تغيرات قد تحدث على وضع العاملة الصحي.

Powered by Blogger | Big News Times Theme by Basnetg Templates

Blog Archive