أسر تتردد في إلحاق أبنائها ذوي الإعاقة بمدارس تربية خاصة
جرش نت - تنتاب الأربعينية سهاد أحمد حالة من تأنيب الضمير، قبل خلودها إلى النوم، لاعتقادها أنها أهملت بحق ابنها المصاب بإعاقة، الذي لم يلق الرعاية اللازمة في بداية اكتشاف حالته.
"لاحظنا في البيت وجود مشكلة عقلية عند ابني في الصغر، ولكننا رفضنا تصديق ذلك، لا بل تجاهلنا الحالة، فتعاملنا معه على أنه طفل طبيعي، ويخلو من الأمراض"، وفق ما تقول والدته.
وتتابع وصف حالته، بأنه بعد إدخاله إلى المدرسة، أخبرتنا إدارتها أن الطفل بحاجة إلى رعاية خاصة،" إلا أنني رفضت تماما تصديق ذلك، وأنكرت أن يكون مريضا، فأنا لا أريد أن يقال إن عندي طفلا ذا إعاقة، فذلك سيؤثر على باقي أبنائي في حياتهم المستقبلية".
وتؤكد أن رفضها تقبل الأمر الواقع، ونقله إلى مدرسة متخصصة من مدارس التربية الخاصة جعلها تدفع الثمن غاليا، كونه لم يعد الآن قادرا على الإكمال مع الطلاب الأصحاء، وقد فاته الوقت للالتحاق في مدارس التربية الخاصة .
وحاولت دعاء عبدالله (46 عاما)، في بادئ الأمر، ألا تنكر حالة ابنها الذي يعاني من "متلازمة داون"، وكان واضحا لكل من يراه، إلا أنها زوجها رفض تصديق الأمر، وطلب منها وضعه في أفضل المدارس، والابتعاد كليا عن مدارس التربية الخاصة، كونه يخجل من هذا الوضع، ولا يريد المجتمع ان ينظر له نظرة مغايرة.
وتقول "إن زوجها بعد فترة لم يستطع إنكار الأمر كثيرا؛ ولأني كنت أخاف على مصلحة ابني أكثر من أي شيء آخر، فقد أقنعته بضرورة نقله إلى مدرسة لذوي الإعاقة، رغم أن القرار كان متأخرا بعض الشيء لكنه أفضل من لا شيء ".
الاختصاصي الأسري د.فتحي طعامنة يرى أن على الأهل الإيمان بمبدأ "أن الله ابتلاهم بطفل معوق، وعليهم الاقتناع والقبول بهذا الأمر"، لافتا الى وجود عائلات تقوم بدمج أبنائها من المعوقين في المراكز العادية، وعدم وضعهم في المدارس المخصصة.
ويعد طعامنة أن مثل هذه التصرفات من الأهل، تأتي في إطار الرفض المجتمعي لوجود أبناء معوقين داخل الأسرة، وحتى لا يحسب عليهم أن لديهم ابنا من ذوي الإعاقة، لافتا الى أن الطفل بهذه الطريقة لا يستفيد شيئا كونه بحاجة إلى رعاية خاصة وطريقة تعلم محددة المعالم .
ويدعو الأهل إلى الإيمان بالواقع، وإرسال أبنائهم إلى مراكز مختصة، لتأهيلهم في مراكز متخصصة تكون قادرة على رعايتهم، حيث يمكن تعليمهم ووضعهم على الطريق الصحيح، بحيث يدمجون مع المجتمع في مرحلة متقدمة.
ويؤكد طعامنة ضرورة عدم إخفاء ذي الإعاقة والتعامل معه وكأنه وصمة عار، معتبرا أن الطفل ذا الإعاقة هو منحة من الله، وليس للأهل شأن في خلقه، فهو لا يعيب الأسرة، لافتا الى كونه معوقا فيجب أن يعطى كل الحنان والعطف وتقديم المساعدة اللازمة له.
يؤكد اختصاصي صعوبات التعلم في مدارس النظم الحديثة أشرف الشوابكة، أن وجود طفل ذي إعاقة داخل الأسرة، يشكل معاناة للمجتمع، إذ بمجرد مواجهة الأهل بأن طفلهم بحاجة إلى تربية خاصة، يواجهون ذلا بالرفض وعدم الاعتراف تماما بالأمر الواقع.
ويشير إلى أنه حتى بعد تقديم التقارير الطبية للأسر، فإنهم يرفضون وضعه في صفوف التربية الخاصة، حتى لا يحسب أن لديهم طفلا معوقا من قبل المجتمع، لاعتبارات اجتماعية مثل قضية النسب مثلا، والخوف على مستقبل الأبناء في الأسرة.
ويؤكد الشوابكة أن ذلك يؤثر على تحصيله الأكاديمي وعلى مستقبله، ما يؤدي إلى تراجع وتدن في التحصيل العلمي، وفي الثقة بالنفس، إلى جانب معاناته من المشاكل السلوكية، بحيث يصبح طفلا بصفات عدوانية، وكلها بنظره عوامل تصبح مرافقة للإعاقة في حال لم يتم عزله عن باقي أقرانه في المرحلة الأولى من اكتشاف الحالة.
وبحسب الشوابكة فإن الدراسات تشير إلى أن 50 % من الأطفال الذين يعانون من إعاقة يدمجون في مدارس عادية وليست خاصة.
ويذهب اختصاصي علم الاجتماع د.حسين الخزاعي، إلى أن التنشئة الاجتماعية الخاطئة تبعد الأسر عن إدماج الأبناء بالطريقة الصحيحة في المجتمع، وخصوصاً في ظل عدم عرض الطفل المعوق على أطباء متخصصين، لكي يحددوا درجة الإعاقة والمرض الذي يعاني منه.
ويؤكد أن مثل هذا السلوك يبعد الأهل عن المسار الصحيح في العلاج، ويؤثر على القدرات العقلية، مبيناً ان قدرات باقي الأطفال تختلف عن قدرات الطفل ذي الإعاقة ما يعرضه لمشاكل.
ويرى الخزاعي أن الأولى توجيه الأسر إلى ضرورة معرفة درجة الإعاقة، التي يعاني منها الطفل من ذوي الإعاقة، وضرورة تغليب المصلحة الجسمية والصحية على العادات والتقاليد والنظرة الاجت