الملك : انتخابات نزيهة ومجلس نيابي بتوجهات حزبية العام الحالي
جرش نت - قال جلالة الملك عبدالله الثاني إن خارطة الإصلاح السياسي للعام الحالي محكومة بثلاثة أهداف نهائية واضحة، وهي: إجراء انتخابات نيابية نزيهة وفق قانون انتخاب يضمن أعلى درجات التمثيل، وبالتالي إنتاج مجلس نيابي جديد بتوجهات حزبية، وصولا إلى تشكيل حكومات حزبية برلمانية ممثلة.
وأكد جلالته في كلمة له خلال رعايته حفل افتتاح المقر الجديد لجمعية الشؤون الدولية في عمان امس الثلاثاء، أن الجميع شركاء في هذه العملية الوطنية: «الشعب كقوى ناخبة، والأحزاب كقوى سياسية متنافسة، والسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية كجهات تقوم بالتشريع والإدارة والإشراف على المشروع الإصلاحي».
كما أكد جلالته دور الجمعية الأساسي في إطلاق حوارات ترسخ الثقافة الحزبية والانتخابية، وتجدد العمل الحزبي والسياسي على أسس الحداثة والبرامجية، خصوصا أن أعضاء الجمعية «أصحاب الرؤى والخبرة في هذا المجال».
وشدد جلالته أنه بهذا الإنجاز الإصلاحي، «نحمي الأردن من الفوضى وعدم الاستقرار، الذي تشهده المنطقة من حولنا، ويكون الأردن مثالا في التحول الإصلاحي الذاتي والتدريجي».
وأشار جلالته إلى ما تقوم به جمعية الشؤون الدولية من جهود من أجل الأردن ومستقبله، ومن أجل القضية العربية الأولى، فلسطين، وحق شعبها الشقيق في الحرية والعدالة،مؤكدا جلالته على أن تحقيق العدالة للفلسطينيين يتطلب حلا شاملا يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة، وقابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني.
وفيما يلي نص كلمة جلالة الملك:
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الأخ الدكتور عبد السلام المجالي،
الإخوة والأخوات، الحضور الكرام،
الله يعطيكم العافية،
يسعدني أن أكون معكم اليوم،
وأن أبارك لكم افتتاح المقر الجديد لجمعية الشؤون الدولية، هذه المؤسسة التي استمر عطاؤها الفكري المتميز منذ عام1977.
إن استمرار هذه المؤسسة بهذا العطاء طيلة العقود الماضية جاء نتيجة الجهود المخلصة للقائمين عليها من مجلس الأمناء، ومجلس الإدارة، والأعضاء فلهم منا جميعا كل الشكر والتقدير.
ولا بد من توجيه الشكر أيضا للمانحين من أصدقاء الأردن وأنصار المعرفة، الذين دعموا نشاطات هذه المؤسسة، وساهموا في تمويل إنشاء هذا المقر الجديد، ليكون منارة للفكر والمعرفة والحوار حول مختلف القضايا والتحديات التي تواجه دول وشعوب هذا الإقليم.
إن الفكرة الرائدة والهدف النبيل الذي قامت من أجله هذه الجمعية هو من ثوابت نهج الدولة الأردنية لمأسسة الحوار العلمي والفكري المنتج، وفتح المجال لكل الكفاءات للتعبير عن فكرها وإسهامها في بناء الوطن.
وفي هذا اليوم، نستذكر الحسين الباني، رحمة الله عليه، ورؤيته وطموحاته وإصراره على أن يكون الأردن مثالا في القدرة على مواجهة التحديات، وتحقيق أعظم الإنجازات بالاعتماد على الإنسان الأردني المبدع، وهذا الأمر يجسد قناعتنا أيضا بأن الإرادة الواعية هي التي تصنع الإنجاز، وتحول التحديات إلى فرص.
أتحدث إليكم بهذه المناسبة باعتباركم نخبة متميزة تعمل من أجل الأردن ومستقبله، ومن أجل القضية العربية الأولى، فلسطين، وحق شعبها الشقيق في الحرية والعدالة.
ولا بد هنا من التأكيد على أن تحقيق العدالة للفلسطينيين يتطلب حلا شاملا يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة، وقابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني، إن الأردن الداعم للأشقاء الفلسطينيين هو المبادر عربيا وإقليميا، وهو القوي المتماسك بجبهته الداخلية، لذا لا بد من التوقف عند جهود الإصلاح التي يشهدها الأردن، خاصة في الجانب السياسي، وفي سياق إحدى الأوراق التي طرحتموها مؤخرا، والتي حملت أسئلة محورية حول الخطوات العملية لإنجاز الإصلاح، ومن ذلك: ماذا يتبع الخطابات الملكية في الإصلاح؟ وما الذي يجب أن يفعله المفكرون والسياسيون؟ وكيف نصل إلى توزيع واضح للمسؤوليات والأدوار لتنفيذ الإصلاح؟
إن خارطة الإصلاح السياسي للعام الحالي محكومة بثلاثة أهداف نهائية واضحة، وهي: إجراء انتخابات نيابية نزيهة وفق قانون انتخاب يضمن أعلى درجات التمثيل، وبالتالي إنتاج مجلس نيابي جديد بتوجهات حزبية، وصولا إلى تشكيل حكومات حزبية برلمانية ممثلة.
وأؤكد هنا أن الجميع شركاء في هذه العملية الوطنية: الشعب كقوى ناخبة، والأحزاب كقوى سياسية متنافسة، والسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية كجهات تقوم بالتشريع والإدارة والإشراف على المشروع الإصلاحي.
أما دوركم فهو أساسي في إطلاق حوارات ترسخ الثقافة الحزبية والانتخابية، وتجدد العمل الحزبي والسياسي على أسس الحداثة والبرامجية، وأنتم أصحاب الرؤى والخبرة في هذا المجال.
وبهذا الإنجاز الإصلاحي، نحمي الأردن من الفوضى وعدم الاستقرار، الذي تشهده المنطقة من حولنا، ويكون الأردن مثالا في التحول الإصلاحي الذاتي والتدريجي، وأنا على ثقة، بأن هذه الأفكار، ستحظى بنقاش عميق ومنتج في هذا الصرح الوطني الرائد،
وأتمنى لكم النجاح والتوفيق،
والله يعطيكم العافية.
وحضر حفل الافتتاح رئيس الوزراء عون الخصاونة ورئيس مجلس الاعيان طاهر المصري ورئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي ورئيس الديوان الملكي الهاشمي رياض ابو كركي ومدير مكتب جلالة الملك عماد فاخوري ومستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام والاتصال أمجد العضايلة، وعدد من الوزراء وأمين عام الديوان الملكي الهاشمي يوسف العيسوي ورئيس هيئة الاركان المشتركة الفريق الركن مشعل محمد الزبن ومدير الامن العام الفريق الركن حسين هزاع المجالي ومدير عام الدفاع المدني اللواء الركن طلال الكوفحي والمدير العام لقوات الدرك اللواء الركن توفيق الطوالبة وعدد من المسؤولين واعضاء الجمعية.
المجالي
وأشار رئيس الجمعية الدكتور عبد السلام المجالي في كلمته إلى ثلاث مناسبات هي عيد ميلاد جلالة الملك وافتتاح المبنى الجديد لجمعية الشؤون الدولية والربيع الأردني الذي يقوده جلالة الملك ويقدم فيه الأردنيون انموذجاً مضيئا لما يجب أن يكون عليه ربيع الدول.
وأستذكر الدكتور المجالي حين زف جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في يوم من ايام الخير الذي جادت به السماء للأردنيين نبأ ولادة عبدالله الذي نذره كأبيه خادما مخلصا لهذه الأسرة، وجنديا أمينا في جيش العروبة والإسلام.
وقال «صدقت النبوءة، وحق لمولدك أن يكون عيدا لكل الأردنيين، فلا يوم كيومك يا أبا الحسين، فإذا كان الله عز وجل لم يخلق في الأولين والآخرين من هو أعظم حقا على هذه الأمة من نبيها، فلن تكون هناك ذرية أحد أجلّ من ذرية رسولها».
ودعا الدكتور المجالي لجلالة الملك بطول العمر، وقال «مد الله في عمرك، وأبقاك عميد الأسرة الهاشمية، التي كان أفرادها على الدوام مصابيح الظلام، والنجوم التي لا يضل معها الساري، وهم الذين شحنوا بهممهم العزمات، وشحذوا بمنطقهم الأذهان، فنبهوا العرب من رقدتها وحملوا رايات ثورتها. فكل عام وأنتم بألف بخير».
وحول نشأة جمعية الشؤون الدولية التي افتتح جلالة الملك مبناها الجديد، قال الدكتور المجالي إن الفكرة تعود إلى ثلة من أبناء الوطن وبمبادرة من سيادة الشريف عبد الحميد شرف، رحمه الله، وبتشجيع ورعاية جلالة المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه إلى أن أصبحت واقعا في5 تشرين الثاني1977 بإنشاء الجمعية.
وأكد أن الجمعية في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني أصبحت منارة تضم نخبة مميزة من أصحاب الرأي والفكر والقيادة الذين يسعون بكل ما أوتوا من علم ومنهجية وخبرة أن تكون هذه الجمعية «عقلا للدولة الأردنية ومعينا لا ينضب لرجالاتها وسيداتها».
وقال إن الجمعية منذ التأسيس،أخذت على عاتقها مهمة تعميق فهم الشؤون العالمية وتوضيح دور الأردن في عالم متغير عن طريق رفد الأعضاء بمنتدى وطني للحوار المسؤول، وعبر التحليل البناء والنقاش الهادف المعتدل، وتأمين بيئة تسمح باستيعاب الأفكار والقناعات الثقافية الجديدة والمميزة.
وحول الحلم الأردني قال الدكتور المجالي: هو حلم، تبصره في أعينهم ويبصرونه في عينيك، يشدون من أزرك وتشد من أزرهم، ولأن الربيع صار فصلا غالبا على كل الفصول في منطقتنا العربية، يأبى الأردنيون وقائدهم، إلا أن يقدموا نموذجا مضيئا لما يجب أن يكون عليه ربيع الدول، ويمشون في ركب ثورة يقودها مليكهم، ثورة على الظلم والفساد والتمييز وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات واستلاب الحقوق، ثورة على الفقر والحرمان، ثورة عمادها البناء والإصلاح والحرية والعدالة والأمن والسلام والوحدة الوطنية.
وأضاف «هكذا هو يا مولاي ربيع الأردنيين، وهكذا هي أحلامهم، وسيبقى الأردنيون يا سيدي أوفياء لكم، وستبقى أنت بإذن الله وفيا لأحلامهم، تصغي إلى واحدهم وهو يتمثل قول الشاعر:
«أنا لا أنظرُ من ثقب الباب إلى وَطني لكنْ أنظرُ من قلبٍ مثقوب
وأميّز بين الوطن الغالب والوطن المغلوبْ الله لمن يتنصّتُ في الليل إلى قلبه أو يصغي السمع إلى رئتيه هذا الوطن بريء، لم يشهد زورا، لكنْ شهدوا بالزور عليهْ».
وقال الدكتور المجالي أنه في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، وفي ظل ما أفرزته تحركات الربيع العربي من تغييرات جذرية في منطقتنا العربية، ساهمت بتحويل الأنظار، مؤقتا، عن القضية الفلسطينية، فإننا من هذا المنبر، نضم أصواتنا إلى صوت جلالتكم في المناداة بضرورة أن يعي الغرب اليوم والولايات المتحدة بشكل خاص، أن القضية الفلسطينية هي التي تشكل العقدة الرئيسية في تضارب المصالح بين العرب والغرب وبحلها حلا عادلا بأسرع وقت ممكن تصبح عناصر الاتفاق في المصالح أكثر جدوى، ليتجنب الجميع أي نهاية مأساوية بأن يصبح هذا الربيع هشيما يحرق نفسه وغيره وتسونامي مدمرا لا يميز بين عدو وصديق.
وقدم رئيس الجمعية الشكر والامتنان لدعم جلالة الملك للجمعية وللذين ساهموا في بناء «هذا الصرح الأردني الشامخ..الذي نطمح أن نكون قد أضفنا رافعة جديدة من روافع العمل السياسي والاجتماعي في الأردن».
فهيد
ورحب عضو مجلس الإدارة فاضل علي فهيد، عريف الحفل، بجلالة الملك وقال «هذا اليوم المبارك من أيام الوطن الغالي، الذي يحتفل بعيد ميلادكم الميمون، وأنتم تشرفون جمعية الشؤون الدولية برعايتكم السامية لحفل افتتاح مقرها الجديد، وإن الجمعية إذ تسجل لجلالتكم هذه اللفتة الكريمة، بمداد من الفخر والاعتزاز، لتبتهل إلى الله العلي القدير أن يحفظ جلالتكم، ويمد في عمركم، ويعينكم على تحقيق طموحات شعبكم الوفي الذي يعقد عليكم آمالاً كبيرة، تنسجم مع طموحاته».
وأكد أن الأردنيين عندهم آمال عريضة ومشروعة، «فشعبك يا صاحب الجلالة يثق ثقة مطلقة برؤاك الثاقبة واستشرافك للمستقبل، ومؤمن أن مسيرة الإصلاح، التي وضعت لها بداية ولم تحدد لها نهاية، وتشرف على مراحل تنفيذها مرحلة مرحلة، بعزيمة صلبة، وإرادة قوية، ستحقق أهدافها وتؤتي ثمارها».
وقال إن جمعية الشؤون الدولية وهي تنطلق نحو المستقبل بثوبها الجديد، وبفكر أعضائها النير المتجدد المستمد من ثوابت الأردن، برعاية من جلالة الملك، تقطع العهد أن لا تكون إلا لما فيه خير الأردن وأهدافه الوطنية.
وتهدف الجمعية إلى نشر الاهتمام بالقضايا الفكرية المتعلقة بالمجتمع الاردني والمجتمع الدولي بشكل مسؤول وفي اطار التفكير الحر الواعي والنظرة العصرية المستنيرة، وتشجيع الحوار الموضوعي حول قضايا المجتمع التي تمس حياة المواطن في المجتمعين الاردني والعربي وفي المحيط الدولي من موقع الالتزام بالمصلحة الوطنية والقيم الانسانية والروح الديمقراطية.
كما تهدف إلى تعزيز القيم الديمقراطية والانسانية في المجتمع العربي وتنمية روح التفاهم والتعاون بين العرب والشعوب الاخرى، وإنشاء صلات الحوار والتفاعل مع المؤسسات العلمية والاكاديمية والثقافية ومع رجال الفكر والقادة الاجتماعيين في العالمين العربي والدولي لغايات إغناء الحياة الثقافية والفكرية في المملكة والتأثير المفيد في هذه المؤسسات لصالح التفكير الاردني والعربي المسؤول.
وتعمل الجمعية على استضافة رجال السياسة والفكر من الأردن وخارجه في محاضرات أو جلسات حوار، وتعقد لذلك لقاءات فكرية شهرية لأعضاء الجمعية حول آخر المستجدات في الصعيدين المحلي والعربي.