الدراما السورية: استمرار الإنتاج رغم كل المخاوف
فرغم مرور موسم دراما 2011 بسلام، إلا أن شركات
الإنتاج السورية الخاصة بدت مترددة ببدء مشاريعها للموسم الرمضاني 2012، وذلك بسبب الأوضاع التي تشهدها سورية، وإحجام رأس المال العربي عن الاستثمار في الدراما السورية لهذا الموسم، أو على الأقل انخفاضه للحدود الدنيا، بالإضافة إلى التلويح بمقاطعة المُنتج الدرامي السوري من جانب العديد من المحطات العربية، رغم التطمينات التي صدرت من اتحاد المنتجين العرب بهذا الخصوص، وتأكيد العديد من النقاد أن هذه المحطات لايمكن أن تستغني عن المسلسلات السورية التي أثبتت قدرتها على استقطاب المعلنين بفعل جماهيريتها التي ترسخت على مدى سنوات في العالم العربي.
المدير العام للمؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي المخرج فراس دهني، يشرح المزيد من الأسباب عن تردد القطاع الخاص في الإنتاج: "إن التغييرات التي تحصل في العالم العربي أدت إلى انخفاض الإنتاج الدرامي في الدول العربية كافة، وعزوف المعلن إلى حد كبير عن الترويج لمنتجاته، ما أدى إلى نقص حاد في التمويل بالنسبة للعديد من المحطات العربية، أي أن هناك مجموعة عوامل أثرت في الدراما السورية وغير السورية هي بالدرجة الأولى ماديّة، بالإضافة إلى عزوف المشاهد العربي عن الشاشات الدرامية لصالح المحطات الإخبارية، ولكن يجب ألا نأخذ هذه الأسباب كذريعة نختبئ وراءها ونحجم عن الإنتاج بحجّة مقاطعين".
وفي ظل مخاوف القطاع السوري من الإنتاج في هذه المرحلة، وبعد عامين تقريباً على تأسيسها استعادت المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي زمام المبادرة، لتأخذ دورها في حماية المُنتج الدرامي الوطني، معيدة إلى الأذهان الدور الذي لعبه القطاع العام في التصدي لأبرز إنتاجات الدراما السورية قبل أن تشهد انتشارها الواسع في أواسط تسعينيات القرن الماضي.
وعن ذلك يقول دهني: "إن حماية ودعم وتطوير الدراما السورية في مقدمة أهداف المؤسسة أساساً، ويتجلى ذلك في الاستمرار بالإنتاج مهما كانت الظروف، لذلك لم تتوقف كاميرات المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي عن الدوران منذ بداية الأزمة لتشجع الشركات الخاصة على البدء بمشاريعها، وهذا ما حدث بالفعل، وما نزال نشجع الشركات الأخرى على بدء أعمالها بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، وشجاعتهم أخذت بالازدياد نوعاً ما، وأعتقد أن الدراما السورية ستعود تدريجياً إلى مسارها الصحيح".
ولا يتوقف تفاؤل المخرج دهني عند عودة حركة الإنتاج الدرامي السوري إلى المسار الصحيح، رغم كل الضغوطات التي واجهتها في الموسم الماضي والحالي، بل يبدو أكثر اطمئناناً فيما يتعلق باستمرار المسلسلات السورية بتصدر شاشات المحطات العربية في شهر رمضان المقبل، مع بذل المزيد من الجهود في التسويق.
وأفصح دهني عن توقعاته لموسم رمضان المقبل 2012 قائلا: "أتوقع أن يكون أكثر من خمسة عشر مسلسلاً قد أنجز على مشارف الموسم المقبل، أما بالنسبة للتسويق فأعتقد أن المتفرج العربي لن يستغني عن الدراما السورية، وبالتالي المحطات العربية لا يمكنها الاستغناء عنها، ونحن بدأنا في وقتٍ مبكر بتسويق إنتاجاتنا لموسم 2012، خاصةً أن لدينا أعمالا كبيرة بتوقيع كتاب ومخرجين وفنانين سوريين مهمين وتستحق أن تسوّق على مستوى يليق بها، وما نزال في البدايات بالنسبة لهذه العملية، لكننا حققنا نتائج مهمة في تسويق الأعمال التي أنتجناها الموسم الماضي للعديد من المحطات العربية، بخلاف ما يروج عن مقاطعة الدراما السورية".
ولا يأتي كلام دهني في معرض التفاؤل فقط؛ فبالرغم مما تردد عن نية المحطات العربية مقاطعة الدراما السورية، لاسيما إنتاجات القطاع العام تمكنت المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي مؤخراً من بيع أعمالها المنتجة في العام 2011 لعددٍ من الفضائيات العربية، ومنها ما بدأ بعرض هذه الأعمال.
وبالعودة لإنتاجات الدراما السورية استعداداً للموسم 2012 انتهى المخرج علي ديوب من تصوير سلسلة "أنت هنا"، وكذلك المخرج هشام شربتجي من مسلسل "المفتاح"، ويجري حالياً تصوير مسلسل "بنات العيلة" لرشا شربتجي، و"المصابيح الزرق" لفهد ميري، "سيت كاز" لزهير قنوع، "إمام الفقهاء" لسامي الجنادي، و"الأميمي" لتامر إسحاق, بينما يتم التحضير لمسلسل "الأرواح العارية" للمخرج الليث حجو، "رفّة عين" للمثنى صبح عن نص للنجمة أمل عرفة، "كسر الرجال" لعمار رضوان، و"توب آكشن" لناصر بني المرجة.
ومن أبرز المشاريع المنتظرة للموسم المقبل: الجزء الثاني لمسلسل "الولادة من الخاصرة"، والجزء التاسع من السلسلة الشهيرة بقعة ضوء، والجزء السابع من "باب الحارة"، وعلى طاولة البحث الجزء الرابع من "صبايا"، وأربعة مسلسلات أخرى من أعمال البيئة الشامية هي: "طوق البنات" للمؤلف أحمد حامد، "خاتون" والجزء الثاني من "رجال العز" لطارق مارديني، و"بنت الشهبندر" لهوزان عكو.
لكن الرهان الأكبر، بحسب المراقبين، يبدو في الاستمرار بالإنتاج رغم الظروف التي تمر بها سورية، فالأمر لا يتوقف فقط عند النية والجرأة وتوفر منافذ العرض كما أسلفنا، ولكن له علاقة أيضاً بتوفير مواقع آمنة للتصوير، وربما هذا يبدو من الهواجس الحقيقية للكثير من شركات الإنتاج السورية، في ظل تردي الأوضاع الأمنية في البلاد، وإذا كانت القضية تتعلق بالنوايا فقط فمعظم الفنانين والفنيين السوريين عازمون على الاستمرار رغم كل ما يجري.. بل يعتبرون ذلك "رسالة للحياة في مواجهة الموت". -(cnn)