تلك أبواقهم والمجد للأرض ووجوه الطيّبين

إحسان الفقيه

 جرش نت - ماذا تفعل حين تتحوّل الأرض "كلّ الأرض" مرآة للجوع والعطش والبرد، ورفضُك ممنوع وتمرُّدك مشكوك بأمره..؟؟

ماذا تفعل حين تُطلقُ في الآفاق صوتك ولا يسمعك سواك .. ولا يحفل بضجيج حزنك إلا أنت..؟؟

ماذا تفعل حين تستوطنُك المعاني بحضيضها .. وتتسرّب الى أوراقك مستنقعات الحبر وتسكُن قصائدك دلالات الخيبة والقنوط وقرار مُتردّدٍ بأن لاتعود ..؟؟


ماذا تفعل إن انفضّ عنك الرفاق وأعلنَ أشرار(العاصمة) قلبك موسما أبديّا للجفاف.؟!.. قل لي بربّك عندها... ماذا تفعل..؟

كأيِّ امرأة عربية باحثة عن شيء -لا تعرف ماهيّته- أحاول أن أستكمل مسيرة التنقيب عن عوالم غنية بالحب والإثارة والدهشة واللامنطقية أحيانا.

وكمن يتلو مزاميره على طائر مهاجر او كسندباد يطالب الحكاية ان تصمد في دهاليز المكتبات العتيقة، أحاول عبثا ان ألملم شعثي او أن أتمالك حنيني لوطن باقٍ فيّ رغم كل هذا الضيم ورغم كل تلك الموبقات.

هناك مسافة شاسعة بين أن تكون فاشلا في حياتك الخاصة وأن تكون مُخلصا بكُلّ ماله علاقة بالأرض ومُنتجات الأرض وجراح الطيّبين..

هناك فرقٌ – يامعشر المُعلّقين المُهذّبين- بين التنخيل والتشكيك ..

بين المحبّة الخالصة وبين الكراهية مدفوعة الأجر..

بين أن تكون صديقي الذي يصدُقني ويحفظ سرّي ولا يؤذي قلبي وبين أفّاق يدور في محيطي ليُسقطني ويُشقيني ثم يضحك عليّ بدناءة من إذا خاصم فجر.. وتفجّر غيضا وارتطم برواسب نفسه ..

أكتب بحرقة وألم ..؟

نعم... وهل في ذلك ما يُعيب..؟ وهل هي تُهمة من نفذت ذخيرته ولم يعُد يملك الا محاولاتٍ دنيئة للسطو على إيقاع حزن من كتبت عنهم ممن أعيش معهم وبهم وفي سبيلهم..

غير موضوعية او حيادية..؟

نعم .. إن تعلّق الأمر بأولئك الذين ما وصفتهم يوما الا بملح الأرض ونرجسها ممن يسكنون معان والطفيلة والريشة ورحمة والغرندل والربّة وعي وخرجا وكفر راكب وساكب وسوف والمفرق والأزرق وألف قمرٍ آخر يسكن ليالينا الموحشة وتسكنه قلوب العاشقين.. وما قصدّتهم يوما الا مُحمّلة بالحب وما غادرتهم الا مشحونة بنزق من يحرقه العجز وتُكبّله محدودية مايستطيع ..

بمقدور من يرى أن الفقر في بلدي حالة عالمية عامّة أن ينظر الى وجهه في أقرب مرآة وليتأمّل معي أكاذيبه -على مهل- ليكتشف أنه ممن ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وأن محاولاته البائسة في تزيين ماشوّهته ممارسات صُنّاع القرار وصعاليك السلطة - ماهي الا مشاركة بالتواطؤ على إنسان بلدك وعلى نهضتك وبالتالي تطوّرك أنت قبل سواك..

يراهنون على نُخب في "السياسة والإعلام والثقافة والدين والتعليم والاقتصاد" يتم شراء بعضهم بعلانية وقحة لا يُخفيها من باع نفسه للجحيم ولا ينكرها أحيانا بل ويتحدث عنها بتبجّح مقيت.. ويتم الإغداق على بعضهم الآخر وإرضاؤهم بمناصب وأُعطيات تصنّف ضمن مُسميات مطّاطة لم تعد تنطلي علينا .. ومُهمّة كلّ أولئك تزيين كل ما صدر ويصدر عن القراصنة الأشاوس بمحاولة إقناع العامّة بأن ثقوب المركبة ضرورة في زمن الحداثة وغرابة الأشياء.. وأن جزيرة الكنز قد ابتلعها البحر وأن الخريطة والبوصلة "دقّتين قديمتين" وليستا من أدوات الإبحار الحديث .. ولتذهب البقية الباقية الى الجحيم ..

هم هكذا.. وأنت شريكهم إن لم تُعلن عن استيائك ورفضك لكُلّ ذلك العبث ولن يأتي "مُخلّص آخر الزمان" لإنقاذنا من غرقٍ مُتوقّع مُحتّم والذي لن يأسف عليه أولئك المُرابطون خلف صناديق التعليق ..

من لم يرَ في الفقر والظلم في بلدنا ظاهرة فهذا شأنه.. ومن لم يرَ أسماك القرش على اليابسة الأردنية ويعتبر الإلحاح بالحديث عن كل ذلك نوع من الابتذال فهذا شأنه..

ومن حقِّي إقصاء من لايليق بعالمي الافتراضي وإسقاطه من قائمة من هو مسموح له دخول صفحتي على الفيس بوك على الاقل..

ومن الهشاشة والصفاقة وسوء النية أن تبحث عن ثغراتي وعيوبي فقط وكلّ ابن آدم خطّاء .. فإن كنت راضٍ عن نفسك حين تفعل – فهنيئا لك- وإن كنت تراني بذلك السوء فهذا شأنك .. وليست مشكلتي إن كنتَ لا تجيد القراءة ولا تُحسن النيّة ولم تعرفني جيدا حتى الآن..

أنا أم وزوجة بنت قوم طيبين وتحاول أن تكون جيدة وجديرة بوجودها ومن أراد أن يقترب من منطقتي تلك فهذا شأن أخلاقه وما أنشأته عليه أمّه .. ودقّة بدقّة .. ودعوة المظلوم لا حجاب بينها وبين الله..

لست مؤرّخة ولست ممن لايقرأون– وكل ممنوع مرغوب كما تعلمون- ولطالما بحثت عن الكتب المحظور تداولها في بلدنا ولطالما اخترقت عوالم الغرف السوداء في بلادٍ ساستها سود وسياستها سوداء وتاريخها حافل بالتورّط والتوريط..

ولطالما أبكتني وثائق موثّقة وخذلتني مراسلات كنت أظنّها محض افتراء لأكتشف مدى خصوبة خيال الورّاقين القُدامى من بطانة الفاسدين الأوائل..

أنا لا أعيد صياغة التاريخ هنا وقد لايكون من حقّي ذلك.. ولكني أحاول الكشف عن حقيقة ما نحن عليه الآن وحقيقة ما كنا عليه سابقا وحقيقة ما نريد و ما نشتهي وأقصى الوسائل المُمكنة للنجو بنا منّا ومنهم..

تفاصيلي المُتداخلة المُنهكة المُربكة –أحيانا- والمتناقضة بعض الشيء ستصيب بعضكم بالسأم بلا شك..

ومن حقّكم الإنسحاب من مجرد قراءة المُقدّمة التي لا تتناسب وثقافة البعض ومن حقّ من منحه الله –جلَدا- على أمثالي أن يتأمّل معي حالات امرأة – قد لا تكون مُختلفة- ولكنها تحترم ذاتها وتحترمكم وتُحبّكم وليست بذلك السوء الذي وُصفت به ولن تكون..

نعم هناك حالات من اللاتوافق او التنافر –ربما- فيما أكتب أحيانا.. أتُصدّقوني إن اعترفت أني حين أكتشف تناقضاتي تلك .. أضحك بنفسي على نفسي.. وأقول: جزى صاحب الموقع خيرا على جلَده وصبره.. وكان الله في عون كل من لازال حريصا على قراءة تلك الانقلابات النفسية والروحية والتي لن تنتهي الا برحيلي او بما قد يكتبه الله عليّ من عجز قد يحول بيني وبين من أحبّ الكتابة لهم وعنهم.. بل وأتخيّلهم وهم يقرأون.. يضحكون يمتعضون يتساءلون يُفتّشون عني في جيوب العم "غوغل" ويستغربون بعضا من فصولي ومقالبي ولكنهم ينتظرون التالي وسينتظرون..

نحن في زمن التحوّلات الكبرى كما تعلمون.. فدعوني أكتب لكم بما لم تعتادوا عليه ودعوني أروي حكاياتي ودعوني أبكي وأضحك في آن ودعوني أحلم ولا ضير في أن تحلموا معي بما ينبغي للأحلام أن تكون..

هذه ليست حكايتي الأولى بل هي مجرد تعريف بسيط بي.. وسأبدأ حين يتهيّأ القارئ لما سأكتب من سلسلة حكايات قد تكون عبارة عن مقالات وقد لا تشكّل مقالات وقد تكون سيرة ذاتية الا أنها ضدّ السيرة الذاتية من حيث الحرقة اللاموضوعية في وصف الواقع والوقائع وربطها بالماضي والتي يعتبرها البعض تهمة كما أسلفت..

الوجوه في حكاياتي حقيقية والحكايات بأوجاعها وتفاصيلها الجريئة ونزقها المجنون وتناقضاتها الغريبة ايضا حقيقية ولكن الأسماء لن تكون دائما حقيقية الا إن سمح لي شركائي في تلك الحكايات التي لن أنساها..

· تنويه لابدّ منه:

أؤكد أني لم اتحدث يوما بموضوع الوطن البديل لأني لست على دراية بأصل الحكاية وفصلها..

ولست ممن ينادون بقلب نظام الحكم في الأردن لأني ضدّ التآمر من أي نوع ولكني أرفض هذا العبث المحيط وبشدّة..

وملك بلدي "أب وابن وشقيق وعم وخال" وأحترمه كإنسان عادي والمعذرة إن كنت لا أُجيد فن التبجيل والتمجيد .. فأنا هكذا وسأموت على ماخُلقت عليه..

لست إقليمية ولم ولن أكون كذلك.. ولست عنصرية ولم يحدث أن شجّعت فريقا لايستحق الفوز لمجرّد أنه يتحدّث بلكنتي ..

وفلسطين هي الحبيبة والرفيقة والأمنية .. وليست قضيّتي وحدي فهي قضية العرب جميعهم.. وأن أنادي بنصرتها ونصرة أهلها لا يعني أني من أنصار الوطن البديل او التوطين وسنتحدث عن هذا لاحقا اعتمادا على مقالات كتبها أهل الخبرة والدراية من بني قومي بمعزل عن أصوات الليكوديين السخفاء الذين لا تعنيني نداءاتهم أصلا..

حين أتحدث عن قريتي وحقول قريتي وأبناء قريتي لايعني أني نسيت فلسطين او أني أتباهى بأني ابنة قرية لم يسرقها العدو لأن مقصّ "بلفور" كان أعمى كما هي وعوده ..

وحين أتحدث عن فقراء قومي في البادية وفي القرى لا يعني اني أرى أن سكّان المُخيمات في نعيم او أن أمر بؤسهم لا يعنيني.

كلّنا في ذات المركبة وكُلّنا أخوة ولا علاقة لي بتجنيس -أرفضه طبعا- لمصلحة القضية ورفضا للمحسوبية التي مورست في ذلك مؤخّرا ومن أجل أولئك الذين قاتلوا في سبيل حقّ العودة والعائدين لا لأني أخشى على بعضي من بعضي..

لا تعنيني سخافة أولئك الذين يعتبرون فلسطين تهمة وأن كل من ينتسب اليها –ولو وجدانيا- عميلا خائنا و يُكرّس لفكرة الوطن البديل..

بغداد تهُمُّني ومراكش تعنيني .. كما أني أعشق القاهرة ولي في طرابلس حكايات لا تنسى وسنتحدث في كل شيء.. والهدف دائما كرامة الإنسان أي إنسان..

*نصِّي القادم وسيدور حول الحب..

لا تتفاجأوا كثيرا .. سنتحدث عن حُبّ الملوك..

وسأسألك هل تكره ابنك حين تجد بقايا (دبق الحلوى) على أصابعه وقد التصقت الأتربة حول أظافره درجة أنه لايستطيع حكّ أنفه..؟

وهل في وقوفك (طالبا منه او آمرا بالإشارة الى طريق المغسلة) كراهية مُبطّنة له..؟

نعم .. قد تزداد نزقا حين يتثاقل في الاستجابة لمطلبك لأن القط توم قد أجهز على غداء الفأر وتتمنى لو تكسر التلفاز الجديد بمنفضة السجائر لأنه يشغله عن مطلبك الذي يصُبّ في مصلحته هو ومصلحة البيت كلّه الذي قد تلوّثه الأصابع المُنشغلة اللامبالية – من غير قصد-..

أثناء ذلك ياعزيزي.. هل تتمنى مثلا .. أن يقع ذلك البرواز الذي يؤطّر آية (إن مع العسر يسرا) على رأس ذلك المُشاكس الصغير..؟

هل يطيب لقلبك أن يرتطم رأسه الجميل بعامود تركه مُتعهّد البناء لغباء المُهندس في منتصف غرفة الجلوس..؟

لن أتحدث عن أمر الحب كثيرا اليوم كي لا أحرق الأرُز .. ولا تغضبوا من لغتي .. هي هكذا .. ولا تتواءم مع تكويني المُعقّد الا بهذه الطريقة..

ودمتم من الله بخير سالمين غانمين مخلصين أنقياء.. تقرأون وتنتظرون..

Powered by Blogger | Big News Times Theme by Basnetg Templates

Blog Archive