اعصار ويـكليكس قادم للأردن

إعصار ويـكليكس قادم للأردن

جرش نت
- في البداية لابد من الإشارة إلى إجابة السفير الأمريكي الأسبق (إدوارد غنيم ) حول السفارة الأمريكية في عمان التي كانت من أكثر السفارات الأمريكية في الشرق الأوسط إبراقاً حيث وصل عدد البرقيات إلى أربعة الآلاف وسبعمائة برقية ، تتناول في مضمونها تصريحات النخبة السياسية الأردنية وتصورات
السفير الأمريكـــي المقيم في عـمــان حول القضايا الداخلية بشكل عام، ولكن لم ينشر من تلك الوثائق الأربعة آلاف والسبعمائة إلا العدد اليسير في موقع ويكليكس.

المهـم فيما سبق ليس عدد الوثائق بقدر أهمية مضمون الوثائق المنشورة والغير منشورة وما تحويه من تفسيرات وتصورات وتصريحات قد تكون مشبوهة ومثيرة للقلق تمس السيادة الوطنية وهيبة الدولة الأردنية وتثير البلبلة والقلاقل في الشارع الأردني العام. بصراحة لا يمكن التسخيف من أهمية ما أحدثته وثائق ويكليكس وما ستحدثه الوثائق والبرقيات التي ستنشر لاحقاً في إحداث توتر في الشارع العام والتأثير في اهتزاز الصورة البراقة لبعض القيادات السياسية في الأردن جراء تداول أسمائهم في تلك الوثائق .

إعصار ويكليكــس المنشور والذي سينشر لاحقاً سيدخــل الأردن عبـــر عدة محاور مباشرة وغير مباشرة :

المحور الأول: كثرة الوثائق والبرقيات الغير منشورة بالنسبة للوثاق المنشورة والتي قد يؤدي نشرها بعد وقت قصير إلى مفارقة في بعض التصريحات المعلنة والمخفية، وكشف فضائح أعظم، وخلق مشاكل وإحداث فتنة كبرى داخل الوطن . المحور الثاني: موروث السخط الشعبي على حكومة سمير الرفــاعــي التي كان لها نصيب الأسد في خلق هذا الاحتقان ضد الحكومة ؛ من خلال العمل على سن قوانين وفرض رسوم وضرائب أثقلت كاهل المواطن ساهمت في إفراز احتقان شعبي واسع وكان للحراك الشعبي الدور الأساسي في إسقاطها.

المحور الثالث: المناخ السياسي المؤهل حالياً لنقد أي شخص مهما علت رتبته ومنصبه ويتضح ذلك جلياً من خلال الاعتصامات والتظاهرات السلمية التي علا فيها سقف الشعارات وحدتها، ومحاولة بعض الفئات المهمشة سياسياً التعبير عن رأيها بكل صراحة . . . وقد يتطور الأسلوب إلى طريقة تعبير غوغائية.

والمحور الرابع : ضعف الأداء الحكومي الحالي في تدارك المواقف وكأنها حكومة تعمل تحت ضغط الشارع وليس من تلقاء نفسها في إدارة الأزمات مع ملاحظة عدم تغير جوهري في طريقة مكافحة الفساد ، وهو ما يؤكد النظرة السائدة لدى المواطن الأردني الذي يرى أن محاربة الفساد المالي والترهل الإداري والشللية والمحسوبية سيؤدي إلى تقصير عمر الحكومة بدلاً من إطالتها؛ وهذا ما يؤدي إلى المماطلة في مكافحة الفساد خوفاً من فتح المزيد من الملفات التي يصعب إغلاقها.

المحور الخامس : النظرة السائدة لدى الشارع الأردني بوجود جزئين من القيادات تتحكم في المفاصل الحساسة للدولة

أولها: القيادات المشبوهة والمتورطة التي تتزعم مناصب سياسية حساسة داخل سلطات الدولة ، وأخص بالذكر تلك القيادات المتورطة في قضايا التجنيس والوطن البديل و المحاصصة السياسية ومهاجمة الشرق أردنيين .

وثانيها: وجود بعض القيادات الوطنية السياسية والأمنية ولكنها للأسف غير قادرة على إدارة المرحلة الراهنة وأصبحت عائقاً للإصلاح في الأردن ومظهراً للفساد الإداري بما تعانيه من ضعف حقيقي في صناعة القرارات الإصلاحية الجريئة، بالإضافة إلى وجود ترهل إداري واضح وشللية قبلية ومحسوبية مقيتة داخل مؤسساتهم، وكأنه تم تعيينهم لتصريف أعمال مؤسساتهم الحكومية المختلفة فــقط لا غير.

المحور السادس: رداءة الإعلام الرسمي في تغطية الوثائق وتحليلها بشكل منطقي والرد عليها بأسلوب علمي؛ حيث أن البرقيات لا تعكس حقائق بقدر ما تعبر عن رغبات السفير الأمريكي وبعض الشخصيات السياسية، أضف إلى ذلك أن التصريحات الرسمية لم ترق إلى المستوى المطلوب ولم تكن مقنعة من حيث الأسلوب والمضمون، بل للأسف كانت ضعيفة ومشتتة الأفكار وغير مبنية على أسس منطقية مما زادت من مدى الشكوك الشعبية حول قضايا سياسية معينة .

وأما الحلول المنطقية نحو إبعاد الوطن عن هذا الإعصار السياسي والوصول لبــــر الأمـــان هو اتخاذ وسيلة إعلامية ممنهجة ومبكرة لحماية الوطن من أثاره كإجراء استباقي وذلك عن طريق بيان المحور العام لتلك البرقيات بأنها تعبر عن تصورات وتحليلات وآراء وفردية غربية أو أردنية ولا تعكس السياسة الرسمية الأردنية .

محاولة تغيير سريع للقيادات المتورطة بقضايا مشبوهة أو تلــك القيادات المترهلة التي أصبحت رمزاً من رموز الفساد الإداري، وخلق قيادات سياسية وطنية فاعلة وقوية ذات شعبية واسعة منتمية لتراب الوطن وشعبه، بهدف تهدئة الشارع الغاضب يوماً بعد يوم؛ والهدف من ذلك تغيير الصورة النمطية لدى الشارع العام بأن هنالك رغبة أكيدة في الإصلاح والمتمثلة بتغيير بعض المناصب السياسية كإجراء أولي لعملية الإصلاح .

صياغة الخطاب الرسمي بأسلوب قوي ومقنع واللجوء إلى لغة معمقة ومركزة تدخل في خصوصيات بعينها والابتعاد عن لغة العموميات المبهمة الغير مفهومة.

أقول في النهاية أن فتنة إعصار ويكــلــيكــس قادمة بفعل عامل الوقت وهو الكفيل بنشر المزيد من البرقيات الأمريكية، وعامل الوقت أيضاً كفيل بمعالجة إعصار وثائق ويكليكــس والخروج منه بأمان، فسرعة المعالجة - التي قوامها الفعل لا القول- هي الوسيلة الوحيدة القادرة على تخفيف حدة الفتنة الصامتة أو حالة الهدوء المتوتر التي تسبق إعصار ويكليكس.

Powered by Blogger | Big News Times Theme by Basnetg Templates

Blog Archive