الأمير الحسن بن طلال لحركات الاحتجاج: لو وصلت لساحة النخيل "لأنخلكم كلكم"
جرش نت - حمل حديث الأمير الأردني الحسن بن طلال، الذي شغل منصب وليًا للعهد في الأردن لنحو 35 عامًا، في برنامج "ستون دقيقة" على شاشة التلفزيون الأردني، رسالتين، وصلت الأولى بشكل جيد، أما الثانية، فقد عبر مراقبون عن دهشتهم منها. وظهر الأمير بعد غياب دام 11 عامًا، في الحوار الذي أجرته الزميلة الإعلامية عبير الزبن ، وانتظره الأردنيون بفارغ الصبر، بعدما أعلن عنه التلفزيون أكثر من مرة.
الرسالة الأولى، التي وردت في حوار الأمير ملخصها أن "العائلة المالكة في الأردن
متماسكة". وقد أشاد الأمير، في أكثر من موقف بـ"سياسات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني"، وقال إن "العائلة الهاشمية تعرف وتصل الأسر المعوزة أينما كانوا", مشيراً إلى أن "الأردن يحترم حقوق الإنسان، ولا يحتاج إلى أحد كي يذكره فيه". وجاءت هذه الإشادة عبر التلفزيون بعد الرسالة الدافئة، التي نشرها الأمير الحسن، قبل أيام، بمناسبة عيد ميلاد العاهل الأردني.
أما الرسالة الثانية للشعب الأردني، فقد عبر مراقبون عن صدمتهم منها، حيث وجه الأمير كلامًا ضد "ضيوف الأردن"، عندما قال ضاربًا مثلاً "كثرة التهليل بالضيف تجلب الضيف الوسخ". وقال الأمير "على الأردنيين أن يتذكروا كيف كان آباءهم وأجدادهم يعيشون"، كما انتقد الأمير الحراك الشعبي عندما قال لمن يشارك في حراك "ساحة النخيل" الأسبوعي: لو وصلت لساحة النخيل "لأنخلكم كلكم".
وأضاف "عندما يجتمع 20 أو 30 شابًا، ويطالبون باسم الشعب، أقول من خولهم، ومن كلفهم، وعندما نتحدث عن الأردن تحديدًا فإن لهؤلاء الشباب فهم حقيقي للمشكلات التي يمكن من خلالها التعامل معها، إن لم يغيروا مصيرهم، هل لنا أن نقرر مصيرنا كأردنيين".
وقال "اليوم نتحدث عن أزمة التربية والتعليم، وأقول في هذا المجال إن العاطلين عن العمل من المتعلمين 25%، وهذا يفوق العاطلين عن العمل بين الأميين، وهم 9%، فالأمية ليست عيبًا، الأمية المتعلمة هي العيب، وأعتقد أن إعادة النظر بالعملية الجراحية لمستويات التعليم لربطها باحتياجات السوق أمر أساسي في بلد نستضيف فيه كما يقولون ما يقارب 800 ألف إلى مليون وافد غير أردني، وأذكر هنا أنه في العام 1992، كان المفروض أن يكون عدد الأردنيين 5ر2 مليون، أما اليوم فإنه نتيجة استضافتنا لأعداد كبيرة من الناس، فإن كل فرد من هؤلاء يكلفنا بحدود 16 دينارًا يوميًا بحسب تقدير البنك الدولي".
واعتبر الأمير أن "اغتيال الشخصيات في الأردن مرحلة أولى لزحزحة الاستقرار، وضرب مثلا بقوله "لا تنام بين القبور، ولا تشوف منامات وحشة، وأنا بقول بدي أنام بين القبور وألعن أبو الكبير والصغير"، في إشارة لمن يخاف ولا يريد التغيير في الأردن.
وهاجم الإعلام الأردني، عندما قال "الإذاعات المحلية الأردنية عبارة عن "أهازيج وطنية وإعلانات"، كما هاجم قناة الـ"بي بي سي" في تناولها لقضية المعتقل الأردني الإسلامي أبو قتادة، وقال إنها "متبجحة" في طريقة تناولها للقضية.
وفي معرض إجابته على سؤال حول حاجة المملكة الى قوانين تضبط العملية الإعلامية, قال الأمير حسن إن "معظم ما تبثه الإذاعات المحلية هي أهازيج وطنية وإعلانات, مشيراً إلى أن هناك غياب للقاعدة المعرفية، بحيث يجب أن تكون هناك عملية تعليمية متفق عليها".
كما هاجم الأمير بعضَ أعضاء مجلس النواب، وقال "لا تقولوا لي الملكية وراثية، فالنيابية وراثية، والأسماء تتكرر", لافتاً إلى أن العشائر تتآكل الآن، نتيجة التنافس الشخصي", وقال: آن الأوان أن "نلملم" الصفوف.
وأوضح أن "الربيع العربي قام لأسباب واضحة، من بينها النمو السكاني، حيث يعادل سكان الوطن العربي اليوم أوروبا بكاملها، لكننا لا نجد في أوروبا مشكلة في الأمن الاجتماعي، ولا في النمو السكاني، ولا في الإنتاج، فمشكلتنا اليوم هي كيف نؤنسن أولوياتنا، لذلك آن الأوان أن نتحدث في إطار الربيع العربي عن الإقليم العربي من جديد، فنحن ورثة رسالة، وورثه نهضة عربية، وعندما نرى ثورة هنا، وثورة هناك، فكأنما الإسلام وطني، والعروبة وطنية، فهذه مغالطة في حق هويتنا المشتركة".
وأضاف "نحن محتارون في مصطلحات اليوم: الدولة، النظام، السلطة، الحكومة، الولاية العامة،... إلى آخر ذلك، وهنا علينا أن نكون واضحين مع بعضنا، فالمهم لنا جميعًا هو الوطن، لذلك علينا أن نكون ذلك التكامل الثلاثي، وعلى رأس الهرم بطبيعة الحال دستوريًا رمز البلاد وقائدها جلالة الملك".
وتابع: "ومن ثم الولاية العامة بأذرعها الثلاث المعروفة، التنفيذية والتشريعية والقضائية، والضلع الأيمن بطبيعته هو الاقتصاد، فعندما يقال لنا لماذا لا تنظمون القطاع الخاص فهل ننظمه لصالح المستثمر الأجنبي أم لصالح أولوياتنا، فنحن بحاجة إلى مزيد من المعلومات الموثوقة، ومزيد من التعاون، أما الضلع الأيسر وهو المهم جدًا اليوم، فهو الضلع الإنساني لهذا المثلث، من: نقابات، اتحادات، جامعات، دور الإعلام، الأندية، والمنظمات غير الحكومية".
وقال الأمير الحسن: "فإن فعلنا هذا المثلث يكون ذلك لصالح الوطن والصالح العام، وهذا هو فهمي المتكامل للولاية العامة، ولكن الرعوية والمزاجية في اختيار مشاريع خارج إطار واضح، ينمي من قدرات الأردن الإنتاجية، لن يبقينا طويلاً".
وأضاف: "أعتقد أن مشكلتنا هي ضعف الحاكمية، بمعنى ضعف مجالس الحوار مع الناس، وإذا كان المطلوب اليوم تواصل الحوار مع الناس، وبناء المواطنة، بغض النظر عن كونك شرقي أو شمالي أو جنوبي، مسلم أم مسيحي، فإن مفهوم المواطنة هو استثمار للأمن الحقيقي، الأمن الذي يبدأ بفهم الإنسان لواجباته".
وتساءل: "ما المطلوب، انتخابات محلية، بطبيعة الحال مطلوبة، ولكن عندئذ هل يترك للإنسان الحرية، وهنا لا بد من ترتيب الأولويات للمواطن، فقصة النمو السكاني الآن فاجعة حقيقية في الأردن، إضافة إلى الوافدين، لذلك آن الأوان لتفعيل المواطن كشريك في تقرير مصيره"، منتقدًا "إيران في طريقة دعمها للقدس والمقدسات الإسلامية فيها"، وقال إن "القدس تحتاج إلى خطط وليس إلى مهرجانات".
وحول المستقبل، قال الأمير "أنا متفائل وإيماني كبير في أن الإنسان الأردني لن يضام، ما دامت الإرادة موجودة، وإذا عملنا فعلاً بمبادئ الإيمان والأخلاق بداية، ومن ثم كما يدعو جلالة الملك دائمًا للعمل، وبالعمل سنتغلب على الكثير من التحديات والأوهام والهواجس، التي تدور حولنا" داعيًا إلى "التوقف عن الإشاعات وتغليب الفضيلة على سواها".