الحزن الشديد يهدد القلب


 جرش نت - لم تكن الثلاثينية (سهاد) تعلم  قيمة الحب الذي كان يجمع بين والديها، إلا بعد وفاة والدها، حيث شعرت والدتها بصدمة قادتها إلى حالة من الانعزال والغياب عن هذا العالم.
"أصيبت والدتي بحالة من الحزن الشديد، لفقدان والدي بعد زواج استمر 40 عاما"، وفق قول سهاد التي تضيف أصبحت امرأة حزينة مختلفة، وغابت عنها السعادة التي كانت تتصف بها وتنثرها في المنزل، "حتى إنني لم أعرف كيف أتصرف معها، إذ باتت لا تأكل ولا تشرب، وباتت مقلة في الكلام، ولا تجالس أحدا، ولا نراها حتى تبتسم مثل عادتها".

وتتابع سهاد حديثها "كنت أحسب أنها فترة وسوف تمضي وسيعود كل شيء إلى حاله بعد أن تعتاد فراقه" غير أن ما لم يكن بالحسبان، وفق سهاد، أن والدتها توفيت بعد أربعة أشهر من وفاة الوالد حزنا وكمدا عليه، وكأنها لم تحتمل العيش بدونه.
وكانت دراسة طبية حديثة، أجراها باحثون أميركيون في جامعة "هارفارد"، كشفت أن الأشخاص الذين يشعرون بالحزن والأسى لفقدان شخص مقرب لهم، هم عرضة أكثر من 21 مرة للنوبات القلبية التي تؤدي للوفاة عن الأشخاص العاديين.
فالشخص الحزين، بحسب الدراسة، يصاب في البداية بالأرق وفقدان الشهية، وارتفاع مستويات الكورتيزول، التي تزيد من مخاطر الاصابة بالنوبات القلبية.
وأوضحت الدراسة التي أجريت على مجموعة من المرضى المصابين بالنوبات القلبية، أن أغلبهم تعرضوا لصدمات نفسية شديدة كان أهمها فقدان أحد الأشخاص المقربين، كالزوج أو الابن في الفترة من شهر إلى ستة أشهر، قبل إصابتهم بالذبحات القلبية.
وأشار هؤلاء الأشخاص إلى أن الضغط النفسي والحزن الشديد يؤديان إلى زيادة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، وتخثر الأوعية الدموية ما يسبب النوبات القلبية والجلطات الدموية، بالإضافة إلى الشعور بالألم في الصدر والجزء العلو من الجسم، أو آلام في المعدة، وضيق في التنفس، والشعور بغثيان، والعرق الغزير.
ويعلق على هذا الموضوع الاختصاصي النفسي د.أحمد الشيخ انه من الناحية الهرمونية في جسم الإنسان، فإن المزاج الحزين يتسبب في افراز هرمونات معينة ترتبط بزيادة احتمالات الاصابة بأمراض قلبية.
وتظهر الدراسات أيضا أن كثيرا من الأمراض الجسمية ترتبط بالضغوط النفسية، مثل أمراض القلب والشرايين، وأمراض أسفل الظهر، والقولون، وأحياناً بعض أمراض السرطان، وأن الهرمونات الجسمية التي تستجيب بناء على الحالة النفسية عند الشخص قد تسبب نوبات قلبية لدى الأشخاص.
ويوضح الشيخ أنه في حالة الحزن، فان افراز الهرمونات المفيدة التي تساعد على تحسين المزاج يقل، وبالتالي لم يعد الأمر من الناحية العلمية مجرد افتراض انما هو مثبت علميا، خصوصا إذا كان هناك استعداد وراثي، لدى الشخص كوجود أمراض الضغط والسكري في العائلة.
ويشير إلى أن افراز الهرمونات في الجسم، يرتبط بإدراك الشخص لظروف الحياة بحسب ما يدرك من أمور محزنة أو سارة، يتم افراز الهرمونات، لافتا إلى أن الأشخاص الذين يمرون بظروف سيئة، فإن تراكمها يسبب افراز هرمونات ضارة وسمية، تؤدي إلى حدوث المرض أو السكتة القلبية أو تضاعف أمراض معينة.
والسبب في ذلك، برأي الشيخ، هو الانخفاض الحاد في فعالية جهاز المناعة، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الجسمية بحيث تصبح السيطرة عليها صعبة كون الحزن في النهاية هو شكل من أشكال الاكتئاب.

Powered by Blogger | Big News Times Theme by Basnetg Templates

Blog Archive