أبناء الزوجات: أطفال يحظون بالرعاية وآخرون يتجرعون المرارة
)
جرش نت - تحظى تمارا أحمد (21 عاما) باهتمام من زوج أمها، الذي يشعرها بحنان الأب "البيولوجي"، إذ لا يتوانى عن تقديم الرعاية لها، منذ ان تزوج والدتها منذ 19 عاما، لتعيش في كنف محبته وحنانه.
وعلى مدى السنوات الطويلة التي عاشتها تمارا في ظل زوج الأم، فإن القناعة تولدت لديها بأن الأب هو "من يربي لا من ينجب"، وعن ذلك تقول "أعتبر زوج والدتي بأنه أبي، فوالدي توفي وأنا صغيرة غير واعية، وتزوجت والدتي بعدها من رجل عاملني أفضل من أبنائه، واشعر دائما أنه يحاول أن يوفر لي كل شيء".
ولا تذكر تمارا، بحسب قولها، أنها أغضبته، أو أنه قصر معها في شيء "يشعرني أنه قريب مني في كل الأوقات بالحزن والفرح"، مضيفة "ورغم أن أهل والدي طلبوا بعد وفاته أن أعيش معهم إلا أن أمي رغبت أن أتربى بكنفها، وزوجها أغدق علي بالحنان وسمح لهم بزيارتي وكان يعاملهم أحسن معاملة".
وفي الوقت الذي يحنو كثير من الرجال على أبناء زوجاتهم ويحيطونهم بالرعاية والاهتمام، ويعاملونهم كما لو كانوا أبناءهم الذين أنجبوهم من صلبهم، يقسو آخرون عليهم ويرحبون بفكرة إقصائهم عن العيش في كنف أسرة واحدة.
"يمكن أن يكون زوج الأم أبا بديلا لأطفال زوجته"، وفق قول أستاذ علم النفس الدكتور محمد بني يونس، ويعود ذلك بحسب رأيه، إذا نجح في التوفيق وتحقيق التوازن، ما بين حاجياته السيكولوجية، والتفاعلات الشخصية التي قد تطرأ على الأطفال المعنيين، بشكل يكون كفيلا بخلق أجواء غير مصطنعة، حيث يتجاوب فيها الأطفال مع عواطف الأب البديل تجاههم.
ويؤكد أن زوج الأم عندما يلجأ إلى هذه المؤسسة، يكون حاملا معه مجموعة من المعتقدات الاجتماعية المسبقة والمشحونة بخصائص نفسية واجتماعية حول شخصية الأطفال، وتبدأ في الظهور تدريجيا من خلال المواقف وردود الأفعال التي تصدر عنهم.
ويوضح من ناحية سيكولوجية واجتماعية، يمكن أن يرفض الرجل الزواج من امرأة لها أطفال، إذ يرى أن هؤلاء الصغار يشكلون عائقا بينه وبين زوجته الذي يريدها أن تكون له دون غيره، كما أنه يهفو ويتطلع إلى أن يخلق عالمه الخاص معها وينجب منها الأطفال، لا أن يقوم بدور الأب البديل.
ويشير إلى أنه يمكن أن تنتج عن ذلك انعكاسات سلبية لا يمكن أن تكون نتائجها إلا وخيمة على أطفال الزوجة، وقد تؤدي إلى التفكك الأسري، ووقوع الأبناء في حالات الاكتئاب والانطواء، والميل نحو العنف والعدوانية، "وهي أعراض سيكولوجية لا يقف عليها إلا الملاحظ الدقيق، من هنا ضرورة أن تكون الأم قريبة جدا من صغارها"، حسب قوله.
وتظهر مثل هذه الانعكاسات السلبية في حالة ليث محمود (25 عاما)، الذي فضل أن يعود للعيش مع جده لأبيه، بعد أن عانى كثيرا في بيت زوج والدته، حيث مكث عشرة أعوام.
ويقول "في البداية كان يعاملني بشكل جيد، ولكن عندما أنجبت والدتي منه، بدأت أشعر بالفرق من حيث التعامل، وأصبح يميز بيني وبينهم في كل شيء، لهذا قررت بعد أن تجاوز عمري 18 عاما أن أعود إلى جدي وأعمامي، الذين استقبلوني بكل صدر رحب، وإلى الآن يعاملونني بشكل حسن".
يرى أستاذ علم الاجتماع الدكتور محمد الجريبيع، أن التأثير الناجم عن حضانة الأبناء من قبل أحد الطرفين يمكن أن يخلق مشاكل جديدة للأطفال، فقد تتزوج الأم التي تتولى حضانة أبنائها، ويعيش الأبناء في ظل زوجها، وقد يكون للزوج الجديد طفل أو أكثر، وقد تكون الحالة معاكسة فيتزوج الأب الذي يتولى حضانة الأطفال.
ويعلق الجريبيع على ذلك بقوله: إنه قد لا ينسجم الأطفال مع زوج الأم، وبالذات في حال حدوث تمييز في أسلوب التعامل مع الأطفال، ما ينعكس سلبياً على سلوكهم وتصرفاتهم، ونفسيتهم، وخاصة البنات، وقد يؤدي بهن إلى الشعور بالضيق، والقلق والإحباط والخوف والشعور بالحرمان، والحنين والحزن، وهبوط المستوى الدراسي، والهروب من المدرسة، وربما من البيت.
ويشير إلى أن التمييز في المعاملة بين الأطفال قد يؤدي أيضا إلى اكتساب عادات غير مناسبة، تهدد سلوكياتهم، فيتعلمون بعض العادات السيئة، مثل التدخين والسرقة والكذب والعدوانية، وغيرها من السلوكيات المنحرفة والمخالفة للقانون، "لكن الخطر الأكبر الذي يجابه الأطفال الذين يعيشون في كنف زوج الأم هو احتمال تعرضهم للاعتداء، ما يتسبب في مشاكل نفسية معقدة وخطيرة تلازم الطفل مدى الحياة".
يعتقد أحمد علي (38 عاما)، الذي تزوج من امرأة لديها أطفال، أنه يجب قبل الارتباط بالزوجة التي لديها أطفال التفاهم على كل شيء، وطريقة التعامل معهم، حتى يتم تفادي أي مشاكل بين الزوجين في المستقبل.
تختلف النظرة التربية تجاه الأطفال الذين يعيشون مع زوج والدتهم، من أسرة إلى أخرى، وذلك تبعا للحالة السائدة داخل الأسرة، من حيث المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، بحسب ما تقول التربوية أمل العلمي.
وتتحكم في العلاقة أيضا مدى التقارب بين الزوج والزوجة من جهة، وأسلوب تعاملهما مع الأبناء من جهة أخرى، فاذا كانت العلاقة يسودها الاحترام المتبادل بين الوالدين وسائر الأبناء، فإن ذلك يجعل الجميع يعيشون من دون أي مشاكل، يشتركون جميعاً في الالتزام بالقيم السامية التي تحافظ على بناء وتماسك الأسرة.
خبيرة العلاقات الزوجية الدكتورة نجوى عارف تنوه إلى أنه في حالة أن الشخص ارتبط بشريك جديد عليه أن يهيئ الأولاد عن طريق الشرح ورؤية الشخص قبل الزواج، حتى يتجنب حصول أي تأثيرات سلبية على الاطفال وكونهم خارجين من مأساة طلاق أو وفاة.
وتضيف عارف أن الطرف الجديد في العلاقة عليه أن يبذل قليلا من المجهود حتى يكتسب محبة الأطفال عن طريق الكلام معهم والاطمئنان عليهم، مؤكدة انه في بداية الزواج يجب عدم ادخال الاطفال مباشرة الى البيت الجديد وإنما التدرج في ذلك.