ناهض حتر: وزير الإعلام تحول إلى أضحوكة
وتاليــاً نـص مقـالة الزميـــل حتَّر :
قبل أيام، وزعت وكالة فرانس برس خبرا منسوبا إلى مصدر دبلوماسي عربي، مفاده أن آليات سعودية تحركت نحو الأردن، لنقل أسلحة ومعدات إلى المجموعات السلفية المقاتلة في سورية.
الخبر بالغ الأهمية. ويشكّل، إنْ صحّ، إعلانا عن إنعطافة نوعية في السياسة الأردنية، وبداية لتطورات مخيفة تؤذن بفتح الجبهة الأردنية ـ السورية.
في وقت لاحق، نفى الناطق الرسمي، راكان المجالي، صحة الخبر. ومع ذلك، لم تلتفت وسائل الإعلام إلى هذا النفي، ولم يحفل به المحللون. أكثر ما حصل عليه المجالي من المحررين هو إضافة تصريحاته إلى " كعب الخبر" على حدّ تعبير زملائنا اللبنانيين.
فما هو السرّ في أن النفي الحكومي لم يقطع الشكّ باليقين؟ هنالك، بطبيعة الحال، إنعدام الثقة العام بكل ما يصدر عن الحكومات الأردنية، ليس بالضرورة لأنها تكذب، بل، بالأساس، لأنها لا تعلم، خصوصا فيما يتّصل بقضايا الأمن الوطني.
لكن ثمة سبب يتعلق بالزميل راكان المجالي نفسه، وطريقته الخاصة في إدارة وظيفته كناطق رسمي. فالمجالي لم يتوقف عن كتابة المقالات على حسابه بالفيس بوك، بل أن تلك المقالات أصبحت، بعد توزيره، سجالية ومثيرة، على عكس مقالاته المتسمة بالوقار والفتور في عموده المعروف في صحيفة " الدستور". وكأن الوزير الكاتب تحرّر، بالوزارة، من الرقيب الذي يقيّده حين كان كاتبا صحفيا فحسب.
دخل المجالي في سجالات مع نواب وسياسيين وصحافيين وكتاب. وقد خصّني بمقالين إتهاميين من النوع الذي يمكن مقاضاته. وفي الثاني شنّ هجوما إتهاميا مزدوجا ـ دفاعا عن باسم عوض الله ـ طال معي الزميل فهد الخيطان. وقد رأينا، معا، أن نهمل الأمر كله. فالمجالي يظلّ زميلا مخضرما على كل حال.
في قضيّة الفوسفات، لعب المجالي لعبة انتهازية صريحة. فقد وقف كوزير مع رئيسه ضد تقرير البرلمان في القضية الشهيرة، ولكنه عاد ليصرّح تصريحات " جريئة جدا" تنقض الموقف الحكومي وتؤيد خلاصة التقرير البرلماني المذكور بلغة اتهامية تصدر عن معارض شرس لا عن وزير في حكومة تبنت موقفا مضادا للتحقيق القضائي في الفوسفات. ولو كان المجالي صادقا في تصريحاته النارية ضد خصخصة الفوسفات، فإن الموقف الوحيد المقبول منه هو الإستقالة من الحكومة.
الأربعاء الماضي، حيّا المجالي، على حسابه على الفيسبوك، و ربما في لحظة اصطهاج، مقالا تعدى السقوف حدث أنه نُشر في " العرب اليوم"، ثم، عندما "جاءت الفكرة"، تراجع بعدما سبب ازمة لا داعي لها. فالمقال يمكن تفسيره بحسن النية. وهو لا يعدو كونه خاطرة لا موقفا مؤدلجا.
الخميس، وفي مسعى لإظهار أنه لا يعدو كونه شرطيا إعلاميا من جماعة محاكم التفتيش، اقتطع المجالي فقرة من مقال فكري تاريخي لي في العرب اليوم في سياق منهجية معادية للصحيفة المستقلة التي لم تخضع لرغبته في التصفيق للحكومة ولمعلمه عون الخصاونة. وكالعادة، وعلى حسابه على الفيس بوك، شنّ هجوما عليّ ليشكك في أهداف مقالي الفكري التاريخي الذي أشكّ، بدوري، أنه فهم شيئا منه!