الرضاعة الطبيعية تعزز ذكاء الطفل وتطوره المعرفي
وتنصح الأمهات بالاستمرار في إرضاع أطفالهن حتى يتم العامين من أعمارهم، وذلك حسبما أمر الله تعالى، تخييرا، في الآية (233) من سورة البقرة {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ...}
وبالإضافة إلى كون حليب الأم مصدرا للفائدة والمواد الغذائية التي تعطي البداية الصحية الفضلى لحياة الطفل، وذلك لاحتوائه على جميع الفيتامينات والمواد الغذائية التي يحتاجها في الأشهر الستة الأولى من عمره، فهو أيضا مليء بالمواد المحاربة للأمراض، كما وأنه يعزز العلاقة الارتباطية بين الطفل وأمه.
فوائد الرضاعة الطبيعية للطفل:
الوقاية من قائمة طويلة من الأمراض
وجدت دراسات عديدة أجريت حول العالم أن فيروسات المعدة وأمراض الجهاز التنفسي السفلي والتهابات الأذن والتهاب السحايا تحدث أقل بين الأطفال الذين رضعوا طبيعيا، كما وأنها تكون أقل شدة إن حدثت، وخصوصا إن كان الطفل يرضع حليب أمه بشكل حصري.
ويذكر أن المادة التي تعد عاملا رئيسيا للمناعة في هذه الحالة يتواجد بكميات كبيرة في اللبأ، وهو بداية ما تنتجه الأم من حليب لطفلها، حيث تقوم هذه المادة بحماية جسم الطفل من الجراثيم عبر قيامها بتشكيل بطانة مخاطية واقية في أنفه وحلقه وأمعائه.
ويذكر أن فوائد الرضاعة الطبيعية كواقية من الأمراض تستمر حتى بعد عبور الطفل مرحلة الرضاعة. فعلى سبيل المثال، فقد أظهرت دراسات عديدة أن حليب الأم يجعل الأطفال الذين كانوا قد تغذوا عليه أقل عرضة للإصابة بسرطانات عديدة خاصة بمرحلة الطفولة. فضلا عن ذلك، فحليب الأم يجعلهم أقل عرضة للإصابة بالأمراض التي تصيب الشخص في مراحل متقدمة من حياته، من ضمنها النوعين، الأول والثاني من السكري؛ وارتفاع الكولسترول.
الوقاية من الحساسية
حليب الأم يجعل الأطفال أقل عرضة للإصابة بالأمراض التحسسية، وذلك مقارنة مع من تغذوا بأطعمة الأطفال التي أساسها من حليب البقر أو الصويا.
ويعتقد العلماء أن السبب وراء ذلك يعود إلى وجود عامل مناعي لا يتواجد إلا في حليب الأم، إذ يساعد هذا العامل على الوقاية من الحساسية ضد الأطعمة عبر إنشائه لبطانة واقية على السبيل المعوي. أما من دون هذه الطبقة، فإن البروتينات غير المهضومة تعبر الأمعاء، ما يزيد من احتمالية تسببها هناك بردود أفعال تحسسية، وذلك فضلا عن مشاكل صحية أخرى.
تعزيز الذكاء
وجد العديد من الباحثين أن هناك ترابطا بين الرضاعة الطبيعية والتطور المعرفي. فقد استخلص باحثون من إحدى الدراسات التي شارك بها 17 ألف وليدا تم تتبعهم منذ ولادتهم حتى وصلوا سن الـ 21 عاما أن درجات معدل الذكاء ونتائج اختبارات أخرى للذكاء كانت أعلى لدى من رضعوا طبيعيا ومطولا وحصريا، فهي تعزز، وبشكل واضح، من التطور المعرفي.
وأشارت دراسة أخرى أن من رضعوا طبيعيا سجلوا معدلات أعلى، وبشكل واضح، في اختبار المفردات، وذلك عندما تم اختبارهم في سن الـ 5 أعوام. وقد تناسبت معدلاتهم طرديا مع المدة التي حصلوا على رضاعة طبيعة، وذلك مقارنة بأقرانهم الذين لم يحصلوا عليها.
ويذكر أن الأطفال الذين ولدوا قبل الأوان وبأوزان قليلة جدا وقامت أمهاتهم بإرضاعهم طبيعيا بعد ولادتهم بقليل تحسنت معدلات نموهم العقلي عندما تم اختبارهم في سن 18 شهرا، وذلك مقارنة بأقرانهم الذين لم يرضعوا طبيعيا. وأشار الخبراء إلى أن السبب وراء هذه القوى العقلية قد يكون وراءه ما ينتج عن الرضاعة الطبيعية من رابطة بين الأم والطفل.
تقليل احتمالية الإصابة بالسمنة
نصح المجمع الأميركي لطب الأطفال بالرضاعة الطبيعية كأسلوب للتقليل من احتمالية إصابة الأطفال بزيادة الوزن أو السمنة. كما وأجري تحليل لـ 17 دراسة ذكرته مجلة American Journal of Epidemiology، حيث وجد هذا التحليل أن الرضاعة الطبيعية تقلل من احتمالية الإصابة بزيادة الوزن والسمنة حتى في سنوات المراهقة والبلوغ. وقد كان تأثير الرضاعة الطبيعية أكبر لدى الأطفال الذين حصلوا عليها حصريا، كما وتناسب الترابط بين مدة حصول الطفل عليها طرديا مع تقليل احتمالية الإصابة بزيادة الوزن والسمنة.
تقليل احتمالية الوفاة بمتلازمة الموت المفاجئ لحديثي الولادة
وجدت دراسة ألمانية ضخمة أن الرضاعة الطبيعية، سواء أكانت حصرية أم غير حصرية، ترتبط باحتمالية أقل لوفاة الطفل نتيجة لمتلازمة الموت الفاجئ لحديثي الولادة. كما استنبط الباحثون أن الرضاعة الطبيعية الحصرية في الشهر الأول من حياة الطفل تخفض احتمال وفاته نتيجة للمتلازمة المذكورة إلى النصف.
أما عن الفوائد التي تحصل عليها الأم من إرضاع طفلها طبيعيا، فهي تتضمن ما يلي:
- تخفيض مستويات الضغط النفسي وتقليل احتمالية الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة بعد مراجعة أكثر من 9000 ملخص دراسات، استخلصت المؤسسة الوطنية أن من توقفن مبكرا عن إرضاع أطفالهن طبيعيا أو لم يقمن بإرضاعهم طبيعيا أبدا كانت احتمالية إصابتهن باكتئاب ما بعد الولادة أعلى من غيرهن.
ويذكر أن العديد من الأمهات يشرن إلى أنهن يشعرن بالاسترخاء وهن يرضعن، ذلك بأن الإرضاع يحث على إفراز هرمون الأوكسيتوسين، والذي وجدت دراسات عديدة أنه يعزز الاسترخاء والحنان. فضلا عن ذلك، فإن هذا الهرمون يساعد الرحم على التقلص بعد الولادة، ما يقلل من نزيف ما بعد الولادة.
تقليص احتمالية إصابة الأم بأنواع معينة من السرطان.
وجدت دراسات متعددة أن مدة الإرضاع تتناسب عكسيا مع احتمالية إصابة الأم بسرطاني الثدي والمبيض. وعلى الرغم من أن السبب وراء ذلك غير معروف تماما، إلا أنه يعتقد بأن له علاقة بالتغيرات التي تحدث في بناء أنسجة الثدي نتيجة للإرضاع. كما ويعتقد أن السبب وراء تقليص الإرضاع الطبيعي لاحتمالية إصابة الأم بالسرطانين المذكورين هو كونه يكبح إفراز هرمون الاستروجين (المودق).
ليما علي عبد
مساعدة صيدلاني وكاتبة تقارير طبية