«فشة غل» على مسرح أرتيمس بحضور جماهيري كبير
وجهت مشاهد ولوحات «فشة غل» والتي يخرجها حسين طبيشات، والتي قدمت مساء أمس على مسرح أرتيمس، في مدينة جرش الأثرية، نقدها لحالة انخفاض مستوى المعيشة، للمواطن الأردني، وكانت ذروة طرح هذا المعطى بحوار شخصية «العم غافل» :»المواطن لم يعد له ولاء للوطن، بسبب أن حقوقه مهدورة، وأن الأزمة ليست اقتصادية حسب، وإنما أيضا اخلاقية»، وكان المسرح قد امتلأ عن آخره قبل بدء العرض المسرحي.
ومضى نص المسرحية الذي ألفه يوسف العموري، في تشريح الواقع العربي، عبر طرح الثنائيات المتناقضة، ووفق حوارات شخصية العرض الرئيسة حسين طبيشات أساسا: «أحد المسئولين العرب أقام عيد ميلاد له بكلفة 2 مليون، بينما هناك مواطنين لايجدوا كسرة الخبز، ويواصل حواره: «هناك دولة كلفة المونديال الذي تقيمه مستقبلا، 140 مليار، بينما 100 مليار، فقط تحيي الأمة العربية برمتها وتقذف بها نحو مستقبل مزدهر»
ووصفت ذات الحوارات، في السياق الكوميدي الساخر حال المواطن العربي، «عيشتنا مثل الكلاب»، وعن حال الأقطار العربية؛ بأن السودان أصبح أثنين، واليمن ثلاثة، وليبيا (..زنقة ..زنقة)، راصدة المستجدات السياسية والاجتماعية، السائدة في عموم القطار العربية نتيجة لثورات الربيع العربي السائدة الآن، وأثرها على نفسية المواطن، لجهة تقديم العطاء المتواصل لمجتمعه ووطنه.
بينما اكدت الأبنية العميقة للمسرحية بأن من يواجه الفساد يفقد موقعه ويغادر وظيفته، ليظل الفساد هو الأقوى والسائد، رغم وجود الأمنيات والجهود المخلصة لإفشاء القيم الأخلاقية الحميدة في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية.
وتتحدث المسرحية عن مواطن بسيط يدعى العم غافل يجسده دائما في مختلف مشاهد ولوحات المسرحية، حسين طبيشات، ويصبح وزيرا عبر مفارقات كوميدية ساخرة، ولكنه لا يمكث في هذا المنصب سوى نصف ساعة من الزمن، كونه يحاول مكافحة إحد مظاهر الفساد، ويرفض، في منصبه كوزير، إعطاء تصريح لأحد المستثمرين في إقامة كازينو، وقضايا أخرى، ويخير المستثمر الوزير غافل في سياق الأحداث الدرامية بين استمراره في تولي منصبه في حال موافقته على فتح هذا الكازينو، أو مغادرته لمنصبه في حال رفضه للعرض المقدم له.
وتستدعي المسرحية الهموم العامة للمواطن، فتطرح شخصية غافل، في اللوحة الثانية، أثناء حوارها مع شخصية الزوجة، التي تقدمها ناريمان عبد الكريم، التي قدمت دورها باقتدار، بعد مقابلتي لشخصية رئيس الوزراء طرحت عليه، مر الشكوى، التي يعاني منها المواطن، من تداعيات الفساد والفقر والبطالة والرشوة والواسطة.
ومن جهة حضر الطرح السياسي، في المسرحية، من خلال الحوار الذي تجريه، شخصية العم غافل بعد حصوله على لقب معالي الوزير، مع كرسي الوزير، ليغدو الكرسي، شخصية من لحم ودم يظهر سطوة وهيبة السلطة وهي تدير الرؤوس، لتجعل من يجلس عليه يقدم على أمور ليست في الحسبان، في سبيل الحفاظ على ديمومة استمرارية السيطرة عليه وما يمثله، إلا أن العم غافل يتفوق على نفسه ويرفض كل إغواءات السلطة، وينتصر لقيم الفقراء من أبناء شعبه.
قدم عبد المجيد أبو طالب باقتدار شخصية رئيس الوزراء معروف البخيت، بينما لفت النظر محمد الشريف، إلى جاذبية دوره في مشهد حضور دولة رئيس الوزراء، وكذلك جاءت أدوار وعامر جبر، ومحمد شريف، ومحمود يوسف.
رغم أن مسرح أرتيمس غير مجهز بالتقنيات المسرحية، كاملة، إلا أن المسرحية لم تفقد زخمها التعبيري، بفعل أن محمولاتها تطرحها الشخوص أساسا، وفق الأداء الكوميدي، وبخاصة حسين طبيشات في شخصية العم غافل ، فضلا عن إسهام الأغاني المسجلة، التي يجيء المعنى فيها من نسيج العمل.
وبعد العرض، قال طبيشات حول ردود فعل الجمهور، في تصريح ل»الرأي»: لقد كان جمهورا استثنائيا، واعيا لدلالات كل جملة وكلمة، وكان يعلن موافقته معنا على نقد الفساد، والمحسوبية، والواسطة، واستغلا المناصب، من خلال تصفيقة المتواصل لأدائنا، للدرجة التي معها التي أراد الجمهور جميعه أن يصافحنا بعد العرض.
واكدت ناريمان عبد الكريم بأن هذا العرض مبهج وجميل بتفاعل الجمهور غير العادي، وعلى مختلف سني عمره؛ من أطفال وشباب وكبار، حتى أن المسرحية أخذت وقتا أكبر من زمنها الأصلي بسبب قوة التفاعل بيننا والجمهور.