الاعتداء على الأطباء .. بين قصور القوانين وثقافة «أخذ الحق باليد»
جرش نت -سجل العام الحالي قرابة (18) حالة اعتداء على أطباء كانوا لحظة الاعتداء عليهم على رأس عملهم، ما يشي بسؤال حول الاسباب التي يشترك بها الطرفان ( المعتدي والمعتدى عليه) وربما خارجة عن إرادتهما.
تعتبر نقابة الاطباء ازدياد حالات الاعتداء «مؤشرا خطيرا» يدل على تراجع هيبة الدولة وتنامي حالة الاحتقان عند المواطنين، مؤكدة أن هناك أطرا قانونية لمحاسبة أي جهة مقصرة دون اللجوء إلى العنف أو الاعتداء.
لكن في المقابل يرى شخص -اعتدى شقيقه على أحد الاطباء في مستشفى حكومي - أن على الكوادر الطبية مراعاة مشاعر الناس وظروفهم النفسية، مبيناً أن الطبيب الذي اعتدى عليه شقيقه تعامل معهم بتعال ولم يؤد واجبه كما هو مطلوب منه.
ويضيف لـ(الراي) إن الاعتداء على الاطباء «غير مبرر تحت أى حال من الاحوال»، مقرا أنها ظاهرة سلبية وسلوك غير حضاري، الا انه يشير إلى أن له مسبباته والتي قد يكون منها سلوك الكادر الطبي أو مماطلة في تقديم العلاج للمريض.
بدوره يقول نقيب الاطباء الدكتور أحمد العرموطى إن العام الماضي «لم يكن عام الاطباء»، مشيراً الى أن تنامي ظاهرة الاعتداء على الاطباء لها أسباب كثيرة لا تقتصر على جودة الخدمة الطبية بل تتعداها الى مسببات تشمل الثقافة والسلوك والقوانين والتشريعات وأوضاع المستشفيات.
وبين العرموطى أن كافة الأطباء الذين اعتدي عليهم في العام الحالي اسقطوا حقهم الشخصي بعد ضغوط اجتماعية مثل الجاهات والعطوات ما ادى الى خروج المعتدين من الحجز وسقوط القضية.
وطالب العرموطى بتغليظ القوانين حتى لا يبقى الطبيب الذي يتم الاعتداء عليه اسيراً للتقاليد الاجتماعية التي تفرض عليه التنازل عن حقه الشخصي، مؤكداً انه لو كان الحق العام يبقي على المعتدي في الحجز لشكل رادعاً وادى الى التخفيف من الظاهرة.
ويعتبر الاعتداء على الاطباء مؤشرا إلى تنامي الشعور لدى المواطنين بفقدان الثقة بكل الاطر القانونية والجهات الرسمية التي تعالج المشاكل وتحاسب المقصرين وان المواطنين بدأوا يشعرون أنهم قادرون على تحصيل حقوقهم بطريقتهم الخاصة.
ويشدد على ضرورة ان توعي الجهات المسؤولة مثل وزارة الصحة ونقابة الاطباء بالاضافة الى مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات الطبية المواطنين باحترام القانون واللجوء الى القضاء أو الجهات المسؤولة في حال كان هناك شبهة تقصير من قبل الكادر الطبي.
وحول شبهة التقصير يكشف (أحمد ) وهو شقيق مراجع اعتدى على طبيب في مستشفى حكومي «مماطلة»الكادر الطبي هناك في تقديم العلاج ولم يؤد واجبه كما هو مطلوب منه.
ويقول :»لجأ شقيقي الى التعامل بعنف لفظي مع الطبيب الذي تأخر قرابة ( 20 دقيقة) في حين كانت درجة حرارة الطفل فوق الـ(40) وهو ما أثار غضبه قبل أن يحتدم الموقف بينه وبين الطبيب العتدى عليه».
ويضيف :»تم حجز أخي ومن ثم قمنا بالتوجه مع جاهة إلى ذوي الطبيب حتى يتنازل عن حقه»، معتبراً أن شقيقه كان صاحب حق إلا أن القوانين المعمولة بها تجرم المراجع بحسبه.
وقال مسؤول ملف أطباء وزارة الصحة في نقابة الأطباء الدكتور شادي المعايطة أن ظاهرة الاعتداء على الأطباء في العام الحالي شملت القطاعين العام والخاص إلا أنها كانت في ازدياد في القطاع العام.
وأرجع المعايطه سبب تزايدها في القطاع العام أن أعداد المراجعين في القطاع العام كبير جدا ولا تكفي الكوادر الطبية من تغطيتها مما يخلق أجواء امتعاظ عند المواطنين.
وطالب المعايطة بافتتاح مرافق وغرف استراحة لخدمة مرافقي المرضى، مشيرا إلى أن وجودهم من المريض في غرف الطوارئ والأقسام يخلق في بعض الأحيان حالة من الإرباك الذي يتسبب بالمشاحنات مع الكوادر الطبية.
كما طالب بزيادة ميزانية وزارة الصحة لكي تقوم بواجبها على أكمل وجه، مبينا أنه في حال بقيت الموازنة كما هي فإنه من الصعب على الوزارة أن تقدم الرعاية الصحية المناسبة كما طالب بتحسين أوضاع الأطباء المادية منعا لتسرب الكفاءات واستقطاب المزيد منها.
ويرى بعض الأطباء أن تسرب الكفاءات الطبية من وزارة الصحة له أثر كبير في تنامي الظاهرة حيث خرج العام الحالي قرابة 400 من أطباء الوزارة مما أدى إلى إعطاء أطباء مقيمين مهام الإشراف على العيادات والطوارئ في حين أنهم لا يمتلكون العلم الكافي لمعالجة بعض الحالات.