ابن خلدون: «الأوطان الكثيرة القبائل لا تستحكم فيها دولة»
جرش نت -«الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل أن تستحكم فيها دولة».. حتى ترسخ «الديمقراطية» في بلداننا العربية والإسلامية لا بد أن يُحترم «التباين والاختلاف» في الرأي لدى أنظمتها. دون هذا الاحترام لا تحدثني عن «الديمقراطية» فيها. رسوخ الديمقراطية يتطلب «ثقافة جديدة» ثقافة تتقبل الآخر المختلف في الرأي لا تقصيه أو تهمشه كما هو الواقع الماثل أمامنا. في عالمنا العربي ما زالت هذه الرحلة المتقدمة من الديمقراطية غير قائمة أو تكاد. ما زال النظام العالمي الجديد مدعوماً من الرأسمالية يحظر على شعوبنا «أن تطوّر مفاهيم نضالية في مجالات الاقتصاد والسياسة والثقافة» (د. سمير أمين: «ثقافة العولمة وعولمة الثقافة»، ص 98)
تطوير هذه المفاهيم النضالية ممنوع لأن في ذلك «تجاوزاً» لما يرسمه هذا النظام العالمي الجديد. ما زالت «القبلية» و»المذهبية» تعبث بهيبة كثير من دولنا. تلتف على «المواطنة».
في أجواء غير صحية كتلك، يغدو التنبؤ بمستقبل الثورات العربية التي حدثت في تونس ومصر وليبيا غير محسوم إلى الآن. هناك «تذبذب» في المواقف بالرغم من زوال الأنظمة القامعة فيها. «التذبذب» - كما أرى- سببه اضطهاد «ثقافة الاختلاف» وارتفاع صوت «القبيلة» أو «المذهب» أو «الطائفة» على صوت الوطن المُحرر!.
من هنا اخشى على هذه الثورات الوطنية أن يلتف عليها رموز العهد الماضي بطريقة أو بأخرى فيجهضوها أو يعطلوا مسارها. لا أقول هذا متشائماً أو مُشككاً. الثورات العربية بقدسيتها وعظمتها بحاجة إلى تعميق الديمقراطية وإقصاء كل من حالف الأنظمة القامعة التي زالت وشارك في اغتيال الحريات المدنية. الإقصاء عن المشاركة في العمل السياسي لهذه البلدان، لأن مشاركتهم تعني الارتداد إلى الوراء. تعني التآمر على مكاسب الثورة.
إن الحفاظ على مكاسب «الثورة» لا يقل أهمية عن نجاحها. فالمتربصون بها الدوائر لم يخلوا الساحة بعد. هم موجودون يراقبون. قد يغيرون جلودهم لتتقبلهم «الثورة» ويسكت عنهم العهد الجديد.
في بلداننا العربية - وكما يشير المفكر د. محمد جابر الأنصاري في كتابه «التأزم السياسي عند العرب» ص 86- «ما زالت التعددية القبلية الانقسامية في المرحلة الحاضرة هي الرهان الأكبر للمخططات المعادية لبلقنة المنطقة العربية وزيادة تجزئتها وشرذمتها من منطلق تلك التعددية الهادمة وما يتفرع عنها من طوائف ومذاهب وكيانات متقزمة».
وإذا كنا اليوم نحتفي كعرب بالثورات التي رفعت الظلم عن الجماهير العربية في البلدان التي وقعت فيها، فإن التوجسات من المستقبل مازالت قائمة. وقد أشار إلى بعضها مشاركون في هذه الثورات. هم يخشون من الالتفاف عليها.
وكما قال د. الانصاري في كتابه السابق: «لا يمكن إقامة علاقات إنسانية طبيعية وصحية في ظل المعايير التفاخرية والتفاضلية بين أبناء الوطن الواحد». مازالت هذه «المعايير «الذميمة تعطل مقاربة «المجتمع المدني».
وقد صدق ابن خلدون إذ يقول في قدمته: «إن الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل أن تستحكم فيها دولة». قال هذا ابن خلدون في الماضي ونقوله اليوم في ظل العجز وعدم الرغبة في «تقبل الآخر»!.
نقوله ونحن نسمع في بلدان «الثورات العربية» من تونس إلى مصر إلى ليبيا أصواتاً تدعو إلى تغليب «التناقضات الصغيرة» في الرؤية على «التناقضات الكبيرة». «الشعارات» المرفوعة في هذه البلدان منطلقاتها «أيديولوجية» تتنافس تنافساً -إقصائياً- إذا جاز التعبير. «فالإسلاميون» يشككون في نوايا القوميين واليساريين، والقوميون واليساريون بدورهم يشككون في نوايا «الإسلاميين».
لعبة قديمة تتجدد. حذار حذار من استمرارها حتى لا تضيع «الثورات»!
تطوير هذه المفاهيم النضالية ممنوع لأن في ذلك «تجاوزاً» لما يرسمه هذا النظام العالمي الجديد. ما زالت «القبلية» و»المذهبية» تعبث بهيبة كثير من دولنا. تلتف على «المواطنة».
في أجواء غير صحية كتلك، يغدو التنبؤ بمستقبل الثورات العربية التي حدثت في تونس ومصر وليبيا غير محسوم إلى الآن. هناك «تذبذب» في المواقف بالرغم من زوال الأنظمة القامعة فيها. «التذبذب» - كما أرى- سببه اضطهاد «ثقافة الاختلاف» وارتفاع صوت «القبيلة» أو «المذهب» أو «الطائفة» على صوت الوطن المُحرر!.
من هنا اخشى على هذه الثورات الوطنية أن يلتف عليها رموز العهد الماضي بطريقة أو بأخرى فيجهضوها أو يعطلوا مسارها. لا أقول هذا متشائماً أو مُشككاً. الثورات العربية بقدسيتها وعظمتها بحاجة إلى تعميق الديمقراطية وإقصاء كل من حالف الأنظمة القامعة التي زالت وشارك في اغتيال الحريات المدنية. الإقصاء عن المشاركة في العمل السياسي لهذه البلدان، لأن مشاركتهم تعني الارتداد إلى الوراء. تعني التآمر على مكاسب الثورة.
إن الحفاظ على مكاسب «الثورة» لا يقل أهمية عن نجاحها. فالمتربصون بها الدوائر لم يخلوا الساحة بعد. هم موجودون يراقبون. قد يغيرون جلودهم لتتقبلهم «الثورة» ويسكت عنهم العهد الجديد.
في بلداننا العربية - وكما يشير المفكر د. محمد جابر الأنصاري في كتابه «التأزم السياسي عند العرب» ص 86- «ما زالت التعددية القبلية الانقسامية في المرحلة الحاضرة هي الرهان الأكبر للمخططات المعادية لبلقنة المنطقة العربية وزيادة تجزئتها وشرذمتها من منطلق تلك التعددية الهادمة وما يتفرع عنها من طوائف ومذاهب وكيانات متقزمة».
وإذا كنا اليوم نحتفي كعرب بالثورات التي رفعت الظلم عن الجماهير العربية في البلدان التي وقعت فيها، فإن التوجسات من المستقبل مازالت قائمة. وقد أشار إلى بعضها مشاركون في هذه الثورات. هم يخشون من الالتفاف عليها.
وكما قال د. الانصاري في كتابه السابق: «لا يمكن إقامة علاقات إنسانية طبيعية وصحية في ظل المعايير التفاخرية والتفاضلية بين أبناء الوطن الواحد». مازالت هذه «المعايير «الذميمة تعطل مقاربة «المجتمع المدني».
وقد صدق ابن خلدون إذ يقول في قدمته: «إن الأوطان الكثيرة القبائل والعصائب قل أن تستحكم فيها دولة». قال هذا ابن خلدون في الماضي ونقوله اليوم في ظل العجز وعدم الرغبة في «تقبل الآخر»!.
نقوله ونحن نسمع في بلدان «الثورات العربية» من تونس إلى مصر إلى ليبيا أصواتاً تدعو إلى تغليب «التناقضات الصغيرة» في الرؤية على «التناقضات الكبيرة». «الشعارات» المرفوعة في هذه البلدان منطلقاتها «أيديولوجية» تتنافس تنافساً -إقصائياً- إذا جاز التعبير. «فالإسلاميون» يشككون في نوايا القوميين واليساريين، والقوميون واليساريون بدورهم يشككون في نوايا «الإسلاميين».
لعبة قديمة تتجدد. حذار حذار من استمرارها حتى لا تضيع «الثورات»!