هل شلت الثورة المصرية الحركة السياحية في البلاد؟
جرش نت _ عربي دولي
متظاهرون تغطي الدماء وجوههم، اشتباكات في الشوارع وعشرات القتلى، مثل هذه الصور، التي شهدتها القاهرة وبعض المدن المصرية في الأسابيع الماضية، تركت أثرا سلبيا جدا على السياحة. فالاضطرابات في القاهرة ومدن أخرى من البلاد أثارت خوف السياح. والمصريون ذاقوا قبلا مرارة مثل هذه الأوضاع، فخلال السنوات الماضية طرأت تغيرات كبيرة على أعداد السياح.
نزهة على البحر الأحمر
جو مسائي في منطقة دهب السياحية. سياح بلباس خفيف يتنزهون على الشاطئ، ويتناولون الطعام في المطاعم الشرقية، ويتفرجون على شتى عروض مخازن القطع التذكارية. في هذه المنطقة الشاعرية فجر انتحاريون في 2006 ثلاث قنابل انشطارية، أودت بحياة أكثر من عشرين شخصا من سكان المنطقة، مما أدى إلى تراجع الحركة السياحية بشكل قوي. "لم تنتعش الحركة السياحية ثانية إلا خلال السنة الماضية"، هذا ما يتذكره شتيفان بوملر، صاحب أحد المطاعم الصغيرة. ويقول بوملر إن الجميع كانوا عندئذ راضين عن الوضع "ثم أتت الثورة". بعد أسبوع من قيام الثورة، كما يقول السويسري بوملر، كانت دهب خاوية تماما من الزوار، وانهارت السياحة تماما.
خوف من ركود جديد لعدد السياح
الشواطئ السياحية المصرية ماتزال تنتظر عودة السياح في مركز الغوص الذي يديره حمادة السعيد يعلو صرير المكبس الذي يقوم بملء زجاجات الأكسجين للسياح الغواصين. بعد مرور تسعة أشهرعلى سقوط مبارك، يعود السياح بالتدريج إلى دهب ومناطق سياحية أخرى في مصر. ووصل عددهم في المتوسط إلى 80 % من المستوى الذي كان عليه قبل سنة. لكن الاضطرابات الأخيرة في القاهرة تهدد من جديد عملية انتعاش السياحة "إن هذا يدخل الخوف إلى قلوبنا"، يقول حمادة السعيد. ويضيف السعيد: "الناس يشاهدون الصور والأخبار ويعتقدون أن الوضع في مصر غير آمن، وأن الثورة تشتعل من جديد". لكن السعيد يجد الوضع مستقرا في سيناء ويقول: "من المفروض طبعا أن لا يتوجه الناس الآن إلى القاهرة وبالقرب من ساحة التحرير".
"الأجانب آمنون"
لكن كل المناطق على البحر الأحمر آمنة. "علاوة على ذلك، الثورة ليست ضد السياح أو الأجانب، بل يتعلق الأمر بالنظام السياسي والحكومة"، كما يقول السعيد. ويؤكد على أن" الأجانب في أمان". السعيد الذي بلغ منتصف الثلاثينات يعيش منذ 12 سنة في دهب، وهو يرحب بالثورة، ويأمل في حلول الديمقراطية والحرية ونهاية الفساد المنتشر في كل مكان. ومركز الغوص الذي يديره والتابع إلى أحد الفنادق على الشاطئ محبوب بشكل خاص لدى الألمان.
الشعاب المرجانية في البحر الأحمرتجتذب عددا كبيرا من السياح الألمان دوريس أوبرمايير (45 سنة) أتت إلى دهب للسياحة لأنها تحب الشعاب المرجانية على البحر الأحمر، ولم تندم على قرارها: "في البداية اعتراني شعور بالقلق، لكن القاهرة بعيدة جدا وعلينا أن لا نذهب حيث توجد اضطرابات". ويشارك زوجها سيغفريد في الحديث ويقول إنهم لم يلاحظوا في دهب شيئا، وتؤكد دوريس كلام زوجها: "كانت إجازة مريحة وممتعة ". ويريد الاثنان العودة إلى هذه المنطقة "على كل حال".
أمل في المستقبل
عندما يحل المساء يبقى شاطئ التنزه في دهب خاليا تقريبا من المتنزهين، وفي معظم المطاعم أيضا لا يوجد سوى عدد قليل من الزوار، وبالنسبة إلى مختار أرمسنوسي، صاحب محل للفنون الشرقية، ليس الوضع الآن على ما يرام. لكنه لا يتأفف، وهو مثل الكثيرين من المصرين يجد الركود الاقتصادي الذي سببته الثورة استثمارا للمستقبل.
" كل الأعمال التجارية في وضع سيء"، يقول أرمسنوسي ويضيف: "أستطيع الصبر ولن أموت بسبب ذلك، لكن فيما بعد سأكون أنا و أولادي وعائلتي سعداء". يجب التحلي بالصبر، فالتغيرات تحتاج إلى وقت.
المناطق السياحية مثل دهب وشرم الشيخ هادئة، والانتخابات تبدأ في سيناء في كانون ثاني يناير، لكن الناس راقبوا الأحداث في القاهرة بانتباه كبير. ويشارك التاجر أرمسنوسي الكثيرين الرأي القائل بأن الاحتجاجات محقة، لأن الثورة مازالت بعيدة عن تحقيق أهدافها، ثم يضيف: "لا يكفي تبديل الوجوه في قمة السلطة، بل نحتاج إلى تحول فعلي، ويجب أن نغير النظام السياسي في البلاد".