كيف يتعامل المجتمع الأردني مع المراهقين؟


 جرش نت

تختلف نظرة المجتمع الأردني إلى المراهقين، فالبعض يستهجن طريقة لباسهم الغريبة وتسريحة شعورهم الأكثر غرابة، والبعض الآخر يتفهمهم. ويشكو المراهقون من جهتهم من عدم إصغاء الكبار له.

 
لا يخلو شارع أو مركز تسوق أو مطعم في العاصمة الأردنية عمان من شاب أو مراهق يلفت الأنظار بشعره الذي يسرحه بطريقة غريبة أو بلباسه ذي الخصر المتهدل أو الممزق من باب الموضة. "من ينتقد لباسي وتسريحة شعري هو رجعي". بهذه الكلمات يصف أحمد عوكل البالغ من العمر تسعة عشر عاما كل من يبدي أية ملاحظة على شعره الذي سرحه إلى أعلى بطريقة ملفتة وثبته بواسطة الجل. ويقول أحمد لـ دويتشه فيله إن أهله لا يتدخلون بحريته الشخصية لكنه ينزعج أحيانا من نظرات البعض له خارج المنزل، ثم يستدرك قائلا "لا يهمني" ويضيف أن الموضة موجودة منذ القدم وأن الرجال في السبعينات كانوا يطلقون نصف لحاهم ويلبسون "البنطلونات الشارلستون ولكل زمان دولة ورجال".
" والدي لا يفهمني على الإطلاق"
أما يزن ذو الخمسة عشر عاما فلم ينكر أن 70 في المائة من خلافاته مع والده سببها لباسه وطريقة تصفيف شعره، ويقول في حديث مع دويتشه فيله إن والده لا يفهمه مطلقا ويسعى لعزله عن أصدقائه ومحيطه، لكنه لا ينجح في ذلك، ويؤكد أن "المشكلة تتكرر أيضا في مدرسته مع بعض المعلمين الذين يشابه تفكيرهم طريقة تفكير والده". ويتساءل "متى سيتفهم والدي ومعلمي أن الزمان تغير؟".
 بدوره يقول باسل الذي لم يتجاوز عمره الثالثة عشرة لـ دويتشه فيله إن إخوته في المنزل يلبسون بالطريقة نفسها، لكنه يختلف عنهم، لأن قدوته من حيث المظهر هو جاستن بيبر المغني الكندي الشاب المعروف. 
 "مرحلة المراهقة تمر بتغيرات عميقة"
وفي هذا السياق يرى الدكتور محمد الحوراني أستاذ علم الاجتماع في جامعة اليرموك في حوار مع دويتشه فيله أن مرحلة المراهقة في المجتمع الأردني تتميز بالتغيرات العميقة على جميع المستويات الانفعالية والبيولوجية والاجتماعية والثقافية وأن مسالة اللباس تقع ضمن المستوى الاجتماعي الثقافي تعبيرا عن ثقافة فرعية للمراهقين و"هنا تبرز بعض المؤشرات الرمزية الهامة للمظهر الخارجي للمراهق من قبيل رفض التقاليد والسلطة والتميز في التعبير عن الذات وتقدير الذات والواجهة الذاتية وآلية تقديم الذات".

الصحفية الأردنية جمانة سليم: الشباب يبالغون في ارتداء ملابس غريبةويضيف الحوراني أن مرجعية المراهق لا تكون الأسرة والأهل بقدر ما تكون جماعة الأقران والشلة والأصدقاء "فكلما تماهى المراهق مع الصراعات والموضة والتقاليع كلما عبر بشكل أكبر عن انتمائه لأقرانه". ويشير إلى أن الأسرة قد تبدو عاجزة أمام قوى الحداثة والعولمة التي أصبحت بمثابة المرجعية التنشيئية للمراهقين الذين يجدون فيها ما يعبر عن ذاتهم المتحولة والمتضخمة.
تأثير الأسرة يتراجع أمام قوى الحداثة
ويؤكد أستاذ علم الاجتماع أن ثورة الاتصالات مهدت السبيل لإشباعات لا يجدها المراهق في ثقافته و"لذلك فإن مظهرية المشاهير والفنانين والمطربين ولاعبي كرة القدم مثلا أصبحت مثالا يحتذى به بعد أن تضاءل تأثير الأسرة أمام قوى الحداثة، وأن هذه الحالة تعكس صراعا بين الأسرة وقوى الحداثة في التنشئة الاجتماعية".
ويضيف الدكتور الحوراني قائلا إن هناك شكوى وتذمرا من قبل الأهل لما حل بأبنائهم ولعدم قدرتهم على السيطرة والتوجيه وفق قيمهم. ويقابل ذلك شكوى وتذمر من قبل الأبناء لما يعتبرونه تدخلا سافرا في شؤونهم. ويشير إلى أن هذا التعارض في الغالب طبيعي ضمن تغير المجتمع وتطوره وما ينتج عن ذلك من فجوات بين جيلين.
ويؤكد أستاذ علم الاجتماع أن حجم الفجوة ومستوى الانفلات والتحرر والانعتاق يتوقف على نوع الأسرة، ويوضح أن الفجوة غالبا ما تتسع في الأسر المرنة التي تسمح للمراهق بدرجة أكبر من التعبير عن الذات، وتتقلص في الأسر المتصلبة التي تسمح للمراهق بالتعبير عن ذاته بدرجة أقل.
"يبتكرون تسريحات غريبة ليلفتوا الانتباه"
 من جهتها ترى الإعلامية جمانة سليم المتخصصة بالقضايا الاجتماعية في حوار مع دويتشه فيله أن ظاهرة اللباس الغريب وتسريحة الشعر الأكثر غرابة تعتبر من الظواهر الاجتماعية التي انتشرت وانحصرت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة في فئة عمرية ما بين ال13- 19 عاما وللجنسين.
وتعزو سليم سبب تفشي هذه الظاهرة إلى أن هذه الفئة العمرية تمثل فترة المراهقة وحب الظهور وتشير في هذا الإطار إلى أن الشباب " يبالغون بارتداء ملابس غريبة وغير مألوفة في المجتمع الشرقي ويبتكرون تسريحات غريبة أيضا ليلفتوا الانتباه لهم سواء في محيطهم الشخصي وعائلتهم أو في المجتمع الخارجي".
"بعض الفتيات يصبغن شعورهن بألوان غير مألوفة"
وتقول جمانة سليم إن الفتيات يتجهن في هذه المرحلة العمرية إلى الظاهرة نفسها وللسبب نفسه، من خلال ارتداء ملابس غير تقليدية، والمبالغة بوضع مساحيق على وجوههن، وقصات شعر وتسريحات ملفته للانتباه "حتى أن بعض الفتيات يصبغن شعورهن بألوان غير مألوفة مثل الأحمر والبنفسجي. وهذا كله يرجع إلى لفت الانتباه، ولكي يدخلن في قائمة التميز".
وترى سليم أن وسائل الإعلام والفضائيات ساهمت بشكل كبير في انتشار هذه الظاهرة خاصة الأفلام الأجنبية ومطربي الفيديو كليب "فما أن يظهر مطرب في إحدى أغانيه بشكل وملابس معينة حتى نجد نسبة كبيرة من الشباب تحاول تقليده بارتداء الملابس نفسها وعمل التسريحة ذاتها حتى وان كانت غير ملائمة لشكلهم.
وتخلص الإعلامية جمانة سليم إلى القول بأن المجتمع أحيانا يساهم في تمادي المراهقين في هذا السلوك بسبب توجيه كلمات الإطراء والإعجاب لهم أو بتشبيههم بنجوم ومطربين معروفين، وتؤكد أنهم لا يتأثرون بالنقد السلبي لهم خاصة إذا كانت أسرهم لا تثنيهم عن هذا السلوك التقليدي.

Powered by Blogger | Big News Times Theme by Basnetg Templates

Blog Archive