بني ارشيد: لم نصدر شهادة حسن سلوك لحكومة الخصاونة والإنجاز هو الحكم بيننا
قال القيادي في الحركة الإسلامية زكي بني ارشيد، إن "الحركة لم تصدر شهادة حسن سلوك لحكومة عون الخصاونة، وأن العد التنازلي لمساءلة الحكومة في انجازاتها، سيبدأ بعد نيلها الثقة من مجلس النواب"، معتبرا أن انجازات الإصلاح ستكون الحكم على الحكومة.
وأوضح رئيس اللجنة السياسية في حزب جبهة العمل الإسلامي وعضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في مقابلة مع "الغد"، إن الترحيب بالحكومة يختلف عن المشاركة فيها، مشيرا إلى أن المرحلة الحالية تتطلب إنتاج حوارات وتفاهمات مع القوى الوطنية لإخراج البلاد من أزمتها، لافتا الى أن الحركة تحفظت على الحوار مع الحكومة السابقة لاعتبارات تتعلق بشخصية الرئيس.
وذهب بني ارشيد إلى القول إن هناك فرصة "نادرة" أمام الحكومة الحالية لدفع البلاد نحو التحول الديمقراطي، فالحديث عن صفقة او تفاهمات بين الحكومة والحركة أو أي من القوى الوطنية "ليس عيبا" للخروج من عنق الزجاجة.
ونفى بني ارشيد الحديث عن تفاهمات مع الحكومة، تربط بين معالجة ملفي حركة المقاومة الإسلامية حماس وجمعية المركز الإسلامي والإصلاح، مشددا على أن الرهان على ذلك "فاشل"، وأن ملف الإصلاح مستقل بالنسبة للحركة.
وفيما اعتبر أن إعادة ترتيب العلاقة بين الدولة الاردنية وحركة حماس مصلحة للبلاد، أشار بني ارشيد إلى أن قرار إعادة فتح مكاتبها في عمان تقدره كل من الحكومة وحماس، منوها إلى ان الحركة الإسلامية على استعداد لتقديم التسهيلات لإحياء تلك العلاقة بعيدا عن رهن ذلك بملف الإصلاح الداخلي.
وفيما قال بني ارشيد أن لا تناقض بين الحراك الشعبي والحوار مع الحكومة، بين أن الحركة الإسلامية متمسكة بمطالبها في الإصلاح وفي مقدمتها التعديلات الدستورية التي اعتبرها أولوية المرحلة.
وحول إبداء قيادات في الحركة مرونة تجاه قبول صيغة محددة من قانون الانتخاب لعام 1989، أكد أن مطلب الحركة في ذلك يجسد مطالب الحراك الوطني والشعبي، ولا حديث عن المرونة في إعادة النظر في قانون الانتخاب إلا "عند بدء الحوار الجاد" وبما يشكل قناعة تلبي مطلب كافة القوى الوطنية.
وفي سياق متصل، نفى بني ارشيد أيضا تدارس الحركة أي قرار لحظي قريب لإعادة النظر في موقفها بحوارها مع الإدارة الأميركية ما لم تتراجع عن سياساتها في المنطقة، فيما اعتبر أن انتظار انتهاء الثورة السورية ورفع سقف المطالب وفقا لبعض التحليلات السياسية المحلية لا ينسجم مع مطالب الاستعجال في الإصلاح الداخلي. وفيما يلي نص الحوار:
• الحركة الإسلامية أبدت ارتياحا تجاه تكليف عون الخصاونة تشكيل الحكومة، ورحبت به. على أي أساس جاء هذا الترحيب رغم أنها تشكلت وفق منهجية تشكيل الحكومات السابقة، كما لم يصدر الحزب بيانا ينتقد تشكيلة الحكومة؟
- أولا.. نعرب عن تضامننا مع صحيفة الغد وضد ما حصل لها من اعتداء، وموقفنا الدائم مع الحريات العامة وحرية الصحافة، أما فيما يخص موقفنا من حكومة الخصاونة، فيمكن التفريق بين المشاركة في الحكومة والحوار معها، فهي صاحبة الولاية العامة وهي ممثل رسمي للسياسة الأردنية، وهي المكان المناسب للحوار مع القوى الوطنية والمعارضة، والهدف من الحوار هو الوصول الى تفاهمات ومحاولة رسم المسار الأردني. كنا نتحفظ في السابق على حوار (رئيس الوزراء السابق) معروف البخيت لعدة اعتبارات، معظمها متعلق بشخصية الرئيس، وقد عبرنا عن ذلك عدة مرات إضافة إلى شعورنا بأن حكومته ليست صاحبة قرار، فلم يكن من المجدي الحوار معها.
في المقابل، نعم.. نحن رحبنا بالحوار مع حكومة الخصاونة ومع أي مصدر مسؤول في الدولة، وأعتقد أن الوضع الحالي يستوجب الإسراع في إنتاج حواريات وطنية على مستوى الوطن، وإخراجه من أزمته التي يعاني منها منذ شهور.
• لكن بماذا تختلف حكومة الخصاونة عن غيرها، وهل تعتقد بأنها حكومة المرحلة؟
- لم نصدر أية شهادة حسن سلوك لحكومة الخصاونة، وإنما كان موقفنا وما يزال بانتظار ما سينتج عن هذه الحكومة من أفعال، والحكم بيننا وبين الحكومة هو الانجازات التي ستتقدم بها، ونعتقد أن لدى الحكومة الحالية فرصة جادة وحقيقية ومهمة، وربما تكون نادرة لإنجاز ما عجزت عنه أو ما فشلت عن تقديمه الحكومات السابقة، لأن الوضع لا يحتمل المزيد من التجارب الفاشلة أو إضافة حكومة عاجزة إلى أرشيف الحكومات الأردنية السابقة.
• لم تسجل الى الآن خطوة متقدمة نحو الحوار مع الحكومة، هل ترى مبررا لهذا التأخير؟
- في تقديري أن عدم البدء بالحوار المطلوب، ربما تكون له أسبابه وربما تكون أسبابه متفهمة، وأقصد بذلك أن الحكومة ما تزال في بداياتها ولم تحصل على ثقة مجلس النواب، وهي الى الآن حكومة تسيير أعمال حتى تحصل على الثقة، عندها يمكن التعامل معها على أنها حكومة رسمية صاحبة ولاية كاملة، ليبدأ العد التنازلي عند تلك اللحظة.
• هناك تحليلات مبنية على تسريبات تشير إلى ترتيب لعقد "صفقة" بينكم وبين الحكومة، تحمل ثلاثة ملفات رئيسية، هي جمعية المركز الإسلامي وحركة حماس وقانون الانتخاب؟ ما حقيقة ذلك؟
- اطلعت على التقارير المنشورة حول هذا الامر. من حيث المبدأ، أقول إننا نتمنى التوصل إلى تفاهمات مع الحكومة واتفاقات، وأن تكون الحكومة قادرة على الالتزام بالتفاهمات أو الاتفاقيات لو حصلت، وليس هناك عيب أو من مشكلة من أن تتوصل قوى سياسية ووطنية باتفاق مع الحكومة حول ملفات معينة، وإلى تفاهمات للخروج من الأزمة ومن عنق الزجاجة كما يحلو للبعض تسميتها.
أما حقيقة الموقف بيننا وبين الحكومة، فلم يحصل الى الآن سوى لقاء واحد منذ تشكيل الحكومة، وعرض وقتها الرئيس المكلف علينا المشاركة في الحكومة، فقدمنا مطالبنا وقرأنا أفكاره وتوجهاته واعتذرنا عن عدم المشاركة، ولم يكن أي من مطالبنا يتعلق، لا بجمعية المركز ولا بحركة حماس، وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد على أن ما قدمناه حينها، هي مطالب الحركة الوطنية الأردنية التي توافقنا مع طيف واسع من الأحزاب والقوى والحراكات عليها، وإذا تم الانجاز، فإنه سيخص الأحزاب والقوى والتيارات السياسية جميعا، وسنكون سعداء فيما لو تم الانجاز والاتفاق بإنجاز الإصلاحات السياسية الدافعة باتجاه التحول الديمقراطي. في المجمل، نحن نبحث عن مصلحة الوطن المتمثلة بالمطالب الإصلاحية للقوى الوطنية، وسيسجل الانجاز، وعند حصوله سيكون للجميع وليس للحركة الإسلامية.
• هل هناك أولوية الآن فيما يتعلق بالمطالب الإصلاحية، باعتبار أنها لو أنجزت لن تكون دفعة واحدة؟
_ إذا لمسنا توجهات جادة وإرادة وقدرة، لأن الرغبة قد تكون متوافرة لدى الحكومة، لكن ربما تغيب القدرة، عندها سنجد أنفسنا أمام حكومة وكأنها تسير بقدم واحدة، وهذا المسار الأعرج لا يؤهلها بأن تنجز ما تريده القوى الوطنية، لكننا سنحسن الظن بأن الحكومة راغبة وقادرة على الانجاز، وتحدثنا عن الأولويات فهي في التعديلات الدستورية، وتحدثنا عن المواد الدستورية: 34 و35 و36 التي تضمن حصانة لمجلس النواب، وتشكيل حكومة أغلبية برلمانية إضافة إلى إلغاء مجلس الأعيان.
إنني أرى أنه آن الأوان لمؤسسات الدولة إنتاج قيادات ورموز عبر التصدي للولاية العامة، وأن تكون هناك شخصيات قادرة على تحمل المسؤولية، تناضل وتكافح لتحقيق التعديلات الدستورية، والتحدي الحقيقي حاليا، هو قدرتها على وقف الفساد ومحاكمة الفساد والفاسدين. نفهم أن ملفات الفساد كبيرة ومتعددة وشائكة، لكن يمكن ان يكون هناك جدولة وسيسجل الأردن والتاريخ الأردني موقف هذه الحكومة، لو استطاعت مكافحة الفساد بشكل جاد وإعادة الأموال المنهوبة، والخلاص من متطلبات الإصلاح. وعندئذ يمكن الحديث عن مؤسسات الدولة التي تصدر قيادات وطنية كما كانت في السابق، وبخلاف الفترة الماضية التي شهدنا فيها رؤساء حكومات ضعفاء أقرب إلى موظفين بدرجة معينة لا يمارسون صلاحياتهم، نود إعادة رسم العلاقة من جديد، وأن يكون هناك تكامل بين المؤسسات الرسمية وصياغة المعادلة السياسية الأردنية المقبلة.
• وهل تكتفي الحركة بالحوار مع الحكومة؟
- يمكن للحكومة ان تقوم بالحوار بصورة كافية، وأصلا.. مطالبنا تكمن في ان تكون الحكومة صاحبة الولاية العامة، ولها القدرة والصلاحيات والقرار، وتستطيع أن تلزم كل الأجهزة التنفيذية بسياساتها وتوجهاتها، وننتظر لنرى، والحراك مستمر، وهو الضامن لإنجاز الإصلاح المطلوب، وله كل الفضل بما أنجز حتى الآن، ولا تناقض بين الحوار والحراك.
• لكن تصريحات الخصاونة لم تكن مبشرة فيما يخص التعديلات الدستورية وما يتعلق بالقائمة النسبية في قانون الانتخاب؟
- في تقديري فإن الحوار، هو الذي يؤسس لحالة توافقية، مع الإدراك بأن الوقت لا يعمل لصالح الأردن في المجمل، والاستدراك السريع والاستجابة لطلبات التعديلات الدستورية أمر ضروري ولا مفر منه، لكن إذا بدأ الحوار الجاد في تقديري، فإنه يمكن التوصل إلى انجازات بخاصة فيما يتعلق بالمطالب.
وعبر التجارب مع الدولة الأردنية في السنة الماضية، من الواضح للعيان والمراقبين، أن الأطراف الحادة التي كانت تقف عندها الحكومات كانت تتجاوزها بعد حين، لذلك ليس من مصلحة الحكومة أن تكون حادة في رفض المطالب الوطنية، والمصلحة تكمن في الدخول إلى قلب تلك المطالب مباشرة والتحاور حولها، بخاصة وأنها ليست مطالب انقلابية ولا تعجيزية، وأذكر أن لجنة الحوار الوطني اختصت بقانوني الأحزاب والانتخاب، وكان شرطنا للمشاركة فيها، مناقشة التعديلات الدستورية، وعندما أنجزت عملها حكم عليها بالفشل، وبعدها تم الدخول في التعديلات الدستورية، وما بقي اليوم إلا أمور مهمة ومحورية ومحدودة، لا يمكن تأجيلها. في تقديري فإن الاستعجال في الاستجابة يشكل مصلحة حقيقية.
• فيما يخص قانون الانتخاب، أبدت قيادات في الحركة مرونة تجاه قبول صيغة محددة من قانون الانتخاب وفق نظام عام 1989 خلال ندوة مغلقة، نظمها مؤخرا مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية؟ هل بالفعل هناك إعادة نظر في رؤيتكم لقانون الانتخاب؟
_ نحن ملتزمون بمطالب الإصلاح التي عبرت عنها القوى الوطنية وأحزاب المعارضة والجبهة الوطنية للإصلاح، بما في ذلك المطالبة بقانون انتخاب يعتمد النظام المختلط على أساس 50 % لكل من دوائر المحافظات والوطن، وهذا المطلب نحن ملتزمون به، ومن الممكن الدخول في حوار حوله، وإذا كان هنالك عروض يمكن أن تشكل إعادة النظر او قناعة جديدة للقوى الوطنية، فنحن على استعداد لأن نتحاور ونسمع ونكون مع شركائنا في العمل الوطني، وعلى تواصل مستمر، لتكوين القناعة التي يمكن أن تلبي مطلب الجميع، ولا أحد يتحدث عن مرونة قبل أن يبدأ الحوار.
• هناك فريق في الحركة، يتبنى عنوان المطالبة بالملكية الدستورية بحرفيته كمبادرة ليست باسم الحركة؟ ما هو موقفكم منها، وما الذي يمنع بأن تتبنى الحركة هذا الشعار بمسماه؟
- أعتقد بأن السؤال، لماذا تتبنى الحركة هذه الفكرة وهذه المطالب.. والحركة حددت مطالبها بشكل واضح وصريح وترجمتها من قواعد عامة إلى مواد دستورية وقانونية، وقد حددتها عبر مؤسساتها الشورية على ان الهدف الإصلاحي هو إنتاج أردن خال من الاستبداد والتبعية، وتحدثت عن ضرورة إجراء تغيير جوهري في بنية النظام السياسي الأردني، وحول المواد الكفيلة بإحداث هذا التغيير، وهي المواد الدستورية التي أشرت إليها سالفا، إضافة إلى مواد أخرى تمت الاستجابة لها، كذلك الى قانون الانتخاب باعتباره مدخلا رئيسيا ومهما، ورفع القبضة الأمنية عن مفاصل الحياة العامة. كل ذلك يجسد منظومة المطالب التي تحدد تصور الحركة للإصلاح، وهي ملتزمة بهذه المطالب وليست ملزمة لغيرنا، كما أن رأي غيرنا ليس ملزما لنا.
• هذا يعني أن الحركة لن تتبنى شعار الملكية الدستورية بالشكل المباشر والمؤسسي؟
- لا.. على الإطلاق، وما تحدثت عنه آنفا هو برنامج الحركة الإسلامية للإصلاح. هذا هو الملزم لنا ولجميع الحركة الإسلامية، وليس من مصلحة أحد الدخول في صراعات او معارك جانبية مع أي قوى وطنية، وفي الوقت نفسه، فالملكية الدستورية والمطالب الأخرى، لا تتناقض مع مطالبنا، لكننا نتحدث عن نصاب وطني، أو بما يشكل الحد الأدنى للمطالب الوطنية، التي ربما تكون قابلة لأن نجمع حولها طيفا واسعا من التيارات الوطنية.
• ماذا عن الجبهة الوطنية للإصلاح؟ هل ما تزال تشكل الإطار الجامع للحراك والمطالب الإصلاحية رغم تأخرها أحيانا؟
- الجبهة الوطنية للإصلاح، هي إبداع أردني متميز، استطاعت القوى المخلصة ان تنجز هذا الائتلاف الجبهوي، وهذا بحد ذاته شكل عنوانا بارزا للحراك الإصلاحي في الأردن، وهو عنوان سياسي مؤهل لأن يمارس الفعل الشعبي والجماهيري، وإن كان أقل من الطموح، آمل أن يفعّل عمل الجبهة في المدى المنظور، لكن بسبب طبيعة الائتلافات الجبهوية، يصعب السير بسرعة حركة الشارع بالنظر إلى الاختلافات وطبيعة مكوناتها، والاختلافات تكمن في الاجتهادات وليس في الأهداف او في طبيعة مسار الجبهة، وهذا التأخر متفهم، والجبهة إنجاز محترم ينبغي الدفع باتجاه تطويره.
• في سياق آخر، ما الذي تأمله الحركة الإسلامية من الزيارة المرتقبة لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل إلى البلاد، والتي روجت لها الحكومة الحالية بقوة؟
- باختصار شديد، حركة حماس، تمثل المشروع الجهادي للحركة الإسلامية في الأردن وغير الأردن، وهي تقاوم وتقارع المشروع الصهيوني، وهدفها القتالي محصور في أرض فلسطين. من واجب الجميع تبني المشروع، وتقديم كل الدعم والمساندة له، أما فيما يتعلق بالعلاقة الرسمية مع الأردن، فحماس أخرجت من البلاد عام 1999 وجاء اليوم الذي يعبر فيه رئيس وزراء أردني عن ذلك بأنه كان خطأ سياسيا ودستوريا، لذلك المطلوب إصلاح هذا الخطأ.
واعتقد أن حماس عندما خرجت لم تضق عليها الأرض، وكانت هناك بدائل لاستضافتها، وقد استفادت تلك البدائل من وجود حماس والدولة الأردنية حرمت من تلك الفائدة، وهناك تيارات سياسية وفكرية واجتماعية واسعة، تقدر أن مصلحة الأردن هي بإعادة ترتيب العلاقة الفلسطينية الأردنية، وتحديدا عبر حماس، باعتبار ان في ذلك مصلحة خاصة في التصدي لمشروع الوطن البديل، لأن مواقفها واضحة تجاه الأردن، ولن تقبل بأي مشروع غير التحرير والعودة، مع الحرص على استقرار وأمن الأردن.
باختصار.. إذا كان العقل السياسي الأردني يدرك هذه المصالح فمن مصلحته إعادة الاعتبار لهذه العلاقة وترتيبها. وإذا كانت بعض القوى المتنفذة ما تزال قادرة على إعاقة ذلك، أو إعادة الاعتبار لتلك العلاقة كما كانت، او عبر أي شكل آخر، فهذا يعني أن الأردن الرسمي لم يدرك بعد، بأن عنوان الشعب الفلسطيني المستقبلي عند حماس، وليس عند أي جهة أخرى، لذلك فالأمر متعلق بإرادة الدولة الأردنية، ومن طرف حماس فهي مرحبة بذلك، واعتقد بأن الأمور تسير عبر قراءاتي بهذا الاتجاه.
أدرك أن هناك قوى شد عكسي وإعاقات متعددة المنطلقات، تسعى لإحباط هذا التقارب، وفي تقديري فإن هذه المنطلقات ليس لها علاقة بمصلحة الأردن، بل هي أوهام وحسابات صغيرة حكمت الاداءات السابقة، ولا تريد أن تدين نفسها، علما بأن المرحلة الجديدة ليست بحاجة إلى محاكمات سابقة، ولا إدانات لمراحل سابقة، إنما بحاجة إلى استدراك، شأنها شأن أي عملية سياسية في إعادة العلاقات والبدء بصفحة جديدة بدون الحديث عن محاكمة المرحلة السابقة.
• وهل إعادة الاعتبار للعلاقة مع حماس يعني بالضرورة إعادة فتح مكاتبها في الأردن؟
- أولا الحوار المرتقب والعلاقة مع حماس، لا يحتاجان إلى وسيط بين الدولة وحماس. ثانيا إن الحوار يمكن أن يفضي إلى مستويات متعددة من العلاقة وكلاهما أقدر على تقدير المصالح المشتركة وتثمينها، وكيفية جدولة هذه العلاقة وإخراجها بصورة تحافظ على مصلحة الجميع، بخاصة عند الحديث عن قضية فلسطينية كقضية مركزية، والأردن في موضع الصدارة، وتعتبر القضية الفلسطينية شأنا داخليا أردنيا لا يمكن التسليم بفك الارتباط مع القضية الفلسطينية، ولا يمكن لأي قرار سياسي او إداري بفك هذه العلاقة.
• وما الذي يمكن أن تقدمه إذاً الحركة الإسلامية هنا في هذا الملف بوضوح لجهة حالة انفراج في العلاقة مع الدولة، في الوقت الذي لم تشهد فيه العلاقة بين الحركة الإسلامية داخليا والدولة ذلك الانفراج بعد؟
- إذا كان المقصود بهذا السؤال تقديم تسهيلات ووسائل تسهل إعادة الاعتبار لهذه العلاقة فليكن، أما إذا كان المقصود به التنازل عن بعض المطالب، فهذا غير وارد. ليس للمطالب علاقة ولا يوجد مجال لعقد صفقات على حساب المطالب الوطنية، فهي ملف مستقل وليس له علاقة بإعادة العلاقة مع حماس أو عودتها أو حتى فتح مكاتبها، ودعيني أقول لمن يراهن على تراجع الحركة الإسلامية عن مطالبها ومقايضة ذلك بعودة حماس، فهذه مراهنة خاسرة وفاشلة.
• هناك تسريبات حول توجه داخلي في الحركة لإعادة دراسة موقفها من الحوار مع الإدارة الأميركية.. ما مدى صحة ذلك، فيما تسعى هي من جهتها لفتح حوارات مع جماعة الإخوان المسلمين في بلدان عربية في ظل الثورات العربية؟
- لا.. لا يوجد قرار لحظي أو آني أو ظرفي أو قريب في المدى المنظور لبحث موضوع الحوار مع الأميركيين، وهو ليس من القطعيات، إنما اجتهادات سياسية، والحركة كانت قررت، وهو قرار ملزم لها على خلفية الاحتلال الأميركي للعراق بالمقاطعة، ويمكن الحديث بكل بساطة في حال إذا صدقت الإدارة الأميركية بوعودها وانسحبت من العراق، فيمكن أن يشكل ذلك مدخلا لإعادة دراسة الموقف.
• في الملف السوري تحاول التحليلات السياسية دوما ربط تطور الأحداث في سورية برفع سقف مطالب الحركة الإسلامية في الأردن؟ كيف تفسر هذا الربط ؟
- هذا يقودنا إلى الاستعجال في إنجاز الإصلاحات، ولذلك ليس من مصلحة الجميع الانتظار شهورا أو أسابيع حتى تنتهي الثورة السورية، ونراهن على رفع المطالب الذي من الممكن أن يكون تطورا طبيعيا، لذلك نأمل أن نحقق النموذج الأردني في الإصلاح بتوافق الإرادة الرسمية والشعبية، والإعاقة والانتظار، لسنا نحن سببه، لكن الجهات الرسمية مطلوب منها الإصلاح.
• الانتخابات الداخلية في الجماعة بما فيها انتخاب المراقب العام، استحقاق قريب. هل سنشهد إعادة اصطفافات مجددا بين تيارات الحركة، وماذا عن الاستعدادات؟
- الاستعدادات ليست بعيدة لكنها لم تبدأ، وهو استحقاق سينتهي مع نهاية شهر نيسان (ابريل) المقبل، وهذه إجراءات داخل جماعة الإخوان أفضل الحديث فيها مع الجهة المعنية، أما عن الخلافات في تقديري، فإن الحركة الإسلامية قدمت نموذجا من التماسك والوحدة والتصدي لمشروع الإصلاح بتناغم كامل، وتجاوزت صفحة الخلافات الماضية، وليس من السهل لأحد أن يجر الحركة إلى إنتاج خلافات مجددا، فالوضع الآن محصن بقناعتي بدرجة كبيرة جدا، ومن أراد من داخل الحركة أو من خارجها أن يراهن على إعادة إنتاج الخلافات السابقة، فهو خاسر، وسيجد نفسه معزولا عن قواعد الحركة الإسلامية.
- أولا.. نعرب عن تضامننا مع صحيفة الغد وضد ما حصل لها من اعتداء، وموقفنا الدائم مع الحريات العامة وحرية الصحافة، أما فيما يخص موقفنا من حكومة الخصاونة، فيمكن التفريق بين المشاركة في الحكومة والحوار معها، فهي صاحبة الولاية العامة وهي ممثل رسمي للسياسة الأردنية، وهي المكان المناسب للحوار مع القوى الوطنية والمعارضة، والهدف من الحوار هو الوصول الى تفاهمات ومحاولة رسم المسار الأردني. كنا نتحفظ في السابق على حوار (رئيس الوزراء السابق) معروف البخيت لعدة اعتبارات، معظمها متعلق بشخصية الرئيس، وقد عبرنا عن ذلك عدة مرات إضافة إلى شعورنا بأن حكومته ليست صاحبة قرار، فلم يكن من المجدي الحوار معها.
في المقابل، نعم.. نحن رحبنا بالحوار مع حكومة الخصاونة ومع أي مصدر مسؤول في الدولة، وأعتقد أن الوضع الحالي يستوجب الإسراع في إنتاج حواريات وطنية على مستوى الوطن، وإخراجه من أزمته التي يعاني منها منذ شهور.
• لكن بماذا تختلف حكومة الخصاونة عن غيرها، وهل تعتقد بأنها حكومة المرحلة؟
- لم نصدر أية شهادة حسن سلوك لحكومة الخصاونة، وإنما كان موقفنا وما يزال بانتظار ما سينتج عن هذه الحكومة من أفعال، والحكم بيننا وبين الحكومة هو الانجازات التي ستتقدم بها، ونعتقد أن لدى الحكومة الحالية فرصة جادة وحقيقية ومهمة، وربما تكون نادرة لإنجاز ما عجزت عنه أو ما فشلت عن تقديمه الحكومات السابقة، لأن الوضع لا يحتمل المزيد من التجارب الفاشلة أو إضافة حكومة عاجزة إلى أرشيف الحكومات الأردنية السابقة.
• لم تسجل الى الآن خطوة متقدمة نحو الحوار مع الحكومة، هل ترى مبررا لهذا التأخير؟
- في تقديري أن عدم البدء بالحوار المطلوب، ربما تكون له أسبابه وربما تكون أسبابه متفهمة، وأقصد بذلك أن الحكومة ما تزال في بداياتها ولم تحصل على ثقة مجلس النواب، وهي الى الآن حكومة تسيير أعمال حتى تحصل على الثقة، عندها يمكن التعامل معها على أنها حكومة رسمية صاحبة ولاية كاملة، ليبدأ العد التنازلي عند تلك اللحظة.
• هناك تحليلات مبنية على تسريبات تشير إلى ترتيب لعقد "صفقة" بينكم وبين الحكومة، تحمل ثلاثة ملفات رئيسية، هي جمعية المركز الإسلامي وحركة حماس وقانون الانتخاب؟ ما حقيقة ذلك؟
- اطلعت على التقارير المنشورة حول هذا الامر. من حيث المبدأ، أقول إننا نتمنى التوصل إلى تفاهمات مع الحكومة واتفاقات، وأن تكون الحكومة قادرة على الالتزام بالتفاهمات أو الاتفاقيات لو حصلت، وليس هناك عيب أو من مشكلة من أن تتوصل قوى سياسية ووطنية باتفاق مع الحكومة حول ملفات معينة، وإلى تفاهمات للخروج من الأزمة ومن عنق الزجاجة كما يحلو للبعض تسميتها.
أما حقيقة الموقف بيننا وبين الحكومة، فلم يحصل الى الآن سوى لقاء واحد منذ تشكيل الحكومة، وعرض وقتها الرئيس المكلف علينا المشاركة في الحكومة، فقدمنا مطالبنا وقرأنا أفكاره وتوجهاته واعتذرنا عن عدم المشاركة، ولم يكن أي من مطالبنا يتعلق، لا بجمعية المركز ولا بحركة حماس، وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد على أن ما قدمناه حينها، هي مطالب الحركة الوطنية الأردنية التي توافقنا مع طيف واسع من الأحزاب والقوى والحراكات عليها، وإذا تم الانجاز، فإنه سيخص الأحزاب والقوى والتيارات السياسية جميعا، وسنكون سعداء فيما لو تم الانجاز والاتفاق بإنجاز الإصلاحات السياسية الدافعة باتجاه التحول الديمقراطي. في المجمل، نحن نبحث عن مصلحة الوطن المتمثلة بالمطالب الإصلاحية للقوى الوطنية، وسيسجل الانجاز، وعند حصوله سيكون للجميع وليس للحركة الإسلامية.
• هل هناك أولوية الآن فيما يتعلق بالمطالب الإصلاحية، باعتبار أنها لو أنجزت لن تكون دفعة واحدة؟
_ إذا لمسنا توجهات جادة وإرادة وقدرة، لأن الرغبة قد تكون متوافرة لدى الحكومة، لكن ربما تغيب القدرة، عندها سنجد أنفسنا أمام حكومة وكأنها تسير بقدم واحدة، وهذا المسار الأعرج لا يؤهلها بأن تنجز ما تريده القوى الوطنية، لكننا سنحسن الظن بأن الحكومة راغبة وقادرة على الانجاز، وتحدثنا عن الأولويات فهي في التعديلات الدستورية، وتحدثنا عن المواد الدستورية: 34 و35 و36 التي تضمن حصانة لمجلس النواب، وتشكيل حكومة أغلبية برلمانية إضافة إلى إلغاء مجلس الأعيان.
إنني أرى أنه آن الأوان لمؤسسات الدولة إنتاج قيادات ورموز عبر التصدي للولاية العامة، وأن تكون هناك شخصيات قادرة على تحمل المسؤولية، تناضل وتكافح لتحقيق التعديلات الدستورية، والتحدي الحقيقي حاليا، هو قدرتها على وقف الفساد ومحاكمة الفساد والفاسدين. نفهم أن ملفات الفساد كبيرة ومتعددة وشائكة، لكن يمكن ان يكون هناك جدولة وسيسجل الأردن والتاريخ الأردني موقف هذه الحكومة، لو استطاعت مكافحة الفساد بشكل جاد وإعادة الأموال المنهوبة، والخلاص من متطلبات الإصلاح. وعندئذ يمكن الحديث عن مؤسسات الدولة التي تصدر قيادات وطنية كما كانت في السابق، وبخلاف الفترة الماضية التي شهدنا فيها رؤساء حكومات ضعفاء أقرب إلى موظفين بدرجة معينة لا يمارسون صلاحياتهم، نود إعادة رسم العلاقة من جديد، وأن يكون هناك تكامل بين المؤسسات الرسمية وصياغة المعادلة السياسية الأردنية المقبلة.
• وهل تكتفي الحركة بالحوار مع الحكومة؟
- يمكن للحكومة ان تقوم بالحوار بصورة كافية، وأصلا.. مطالبنا تكمن في ان تكون الحكومة صاحبة الولاية العامة، ولها القدرة والصلاحيات والقرار، وتستطيع أن تلزم كل الأجهزة التنفيذية بسياساتها وتوجهاتها، وننتظر لنرى، والحراك مستمر، وهو الضامن لإنجاز الإصلاح المطلوب، وله كل الفضل بما أنجز حتى الآن، ولا تناقض بين الحوار والحراك.
• لكن تصريحات الخصاونة لم تكن مبشرة فيما يخص التعديلات الدستورية وما يتعلق بالقائمة النسبية في قانون الانتخاب؟
- في تقديري فإن الحوار، هو الذي يؤسس لحالة توافقية، مع الإدراك بأن الوقت لا يعمل لصالح الأردن في المجمل، والاستدراك السريع والاستجابة لطلبات التعديلات الدستورية أمر ضروري ولا مفر منه، لكن إذا بدأ الحوار الجاد في تقديري، فإنه يمكن التوصل إلى انجازات بخاصة فيما يتعلق بالمطالب.
وعبر التجارب مع الدولة الأردنية في السنة الماضية، من الواضح للعيان والمراقبين، أن الأطراف الحادة التي كانت تقف عندها الحكومات كانت تتجاوزها بعد حين، لذلك ليس من مصلحة الحكومة أن تكون حادة في رفض المطالب الوطنية، والمصلحة تكمن في الدخول إلى قلب تلك المطالب مباشرة والتحاور حولها، بخاصة وأنها ليست مطالب انقلابية ولا تعجيزية، وأذكر أن لجنة الحوار الوطني اختصت بقانوني الأحزاب والانتخاب، وكان شرطنا للمشاركة فيها، مناقشة التعديلات الدستورية، وعندما أنجزت عملها حكم عليها بالفشل، وبعدها تم الدخول في التعديلات الدستورية، وما بقي اليوم إلا أمور مهمة ومحورية ومحدودة، لا يمكن تأجيلها. في تقديري فإن الاستعجال في الاستجابة يشكل مصلحة حقيقية.
• فيما يخص قانون الانتخاب، أبدت قيادات في الحركة مرونة تجاه قبول صيغة محددة من قانون الانتخاب وفق نظام عام 1989 خلال ندوة مغلقة، نظمها مؤخرا مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية؟ هل بالفعل هناك إعادة نظر في رؤيتكم لقانون الانتخاب؟
_ نحن ملتزمون بمطالب الإصلاح التي عبرت عنها القوى الوطنية وأحزاب المعارضة والجبهة الوطنية للإصلاح، بما في ذلك المطالبة بقانون انتخاب يعتمد النظام المختلط على أساس 50 % لكل من دوائر المحافظات والوطن، وهذا المطلب نحن ملتزمون به، ومن الممكن الدخول في حوار حوله، وإذا كان هنالك عروض يمكن أن تشكل إعادة النظر او قناعة جديدة للقوى الوطنية، فنحن على استعداد لأن نتحاور ونسمع ونكون مع شركائنا في العمل الوطني، وعلى تواصل مستمر، لتكوين القناعة التي يمكن أن تلبي مطلب الجميع، ولا أحد يتحدث عن مرونة قبل أن يبدأ الحوار.
• هناك فريق في الحركة، يتبنى عنوان المطالبة بالملكية الدستورية بحرفيته كمبادرة ليست باسم الحركة؟ ما هو موقفكم منها، وما الذي يمنع بأن تتبنى الحركة هذا الشعار بمسماه؟
- أعتقد بأن السؤال، لماذا تتبنى الحركة هذه الفكرة وهذه المطالب.. والحركة حددت مطالبها بشكل واضح وصريح وترجمتها من قواعد عامة إلى مواد دستورية وقانونية، وقد حددتها عبر مؤسساتها الشورية على ان الهدف الإصلاحي هو إنتاج أردن خال من الاستبداد والتبعية، وتحدثت عن ضرورة إجراء تغيير جوهري في بنية النظام السياسي الأردني، وحول المواد الكفيلة بإحداث هذا التغيير، وهي المواد الدستورية التي أشرت إليها سالفا، إضافة إلى مواد أخرى تمت الاستجابة لها، كذلك الى قانون الانتخاب باعتباره مدخلا رئيسيا ومهما، ورفع القبضة الأمنية عن مفاصل الحياة العامة. كل ذلك يجسد منظومة المطالب التي تحدد تصور الحركة للإصلاح، وهي ملتزمة بهذه المطالب وليست ملزمة لغيرنا، كما أن رأي غيرنا ليس ملزما لنا.
• هذا يعني أن الحركة لن تتبنى شعار الملكية الدستورية بالشكل المباشر والمؤسسي؟
- لا.. على الإطلاق، وما تحدثت عنه آنفا هو برنامج الحركة الإسلامية للإصلاح. هذا هو الملزم لنا ولجميع الحركة الإسلامية، وليس من مصلحة أحد الدخول في صراعات او معارك جانبية مع أي قوى وطنية، وفي الوقت نفسه، فالملكية الدستورية والمطالب الأخرى، لا تتناقض مع مطالبنا، لكننا نتحدث عن نصاب وطني، أو بما يشكل الحد الأدنى للمطالب الوطنية، التي ربما تكون قابلة لأن نجمع حولها طيفا واسعا من التيارات الوطنية.
• ماذا عن الجبهة الوطنية للإصلاح؟ هل ما تزال تشكل الإطار الجامع للحراك والمطالب الإصلاحية رغم تأخرها أحيانا؟
- الجبهة الوطنية للإصلاح، هي إبداع أردني متميز، استطاعت القوى المخلصة ان تنجز هذا الائتلاف الجبهوي، وهذا بحد ذاته شكل عنوانا بارزا للحراك الإصلاحي في الأردن، وهو عنوان سياسي مؤهل لأن يمارس الفعل الشعبي والجماهيري، وإن كان أقل من الطموح، آمل أن يفعّل عمل الجبهة في المدى المنظور، لكن بسبب طبيعة الائتلافات الجبهوية، يصعب السير بسرعة حركة الشارع بالنظر إلى الاختلافات وطبيعة مكوناتها، والاختلافات تكمن في الاجتهادات وليس في الأهداف او في طبيعة مسار الجبهة، وهذا التأخر متفهم، والجبهة إنجاز محترم ينبغي الدفع باتجاه تطويره.
• في سياق آخر، ما الذي تأمله الحركة الإسلامية من الزيارة المرتقبة لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل إلى البلاد، والتي روجت لها الحكومة الحالية بقوة؟
- باختصار شديد، حركة حماس، تمثل المشروع الجهادي للحركة الإسلامية في الأردن وغير الأردن، وهي تقاوم وتقارع المشروع الصهيوني، وهدفها القتالي محصور في أرض فلسطين. من واجب الجميع تبني المشروع، وتقديم كل الدعم والمساندة له، أما فيما يتعلق بالعلاقة الرسمية مع الأردن، فحماس أخرجت من البلاد عام 1999 وجاء اليوم الذي يعبر فيه رئيس وزراء أردني عن ذلك بأنه كان خطأ سياسيا ودستوريا، لذلك المطلوب إصلاح هذا الخطأ.
واعتقد أن حماس عندما خرجت لم تضق عليها الأرض، وكانت هناك بدائل لاستضافتها، وقد استفادت تلك البدائل من وجود حماس والدولة الأردنية حرمت من تلك الفائدة، وهناك تيارات سياسية وفكرية واجتماعية واسعة، تقدر أن مصلحة الأردن هي بإعادة ترتيب العلاقة الفلسطينية الأردنية، وتحديدا عبر حماس، باعتبار ان في ذلك مصلحة خاصة في التصدي لمشروع الوطن البديل، لأن مواقفها واضحة تجاه الأردن، ولن تقبل بأي مشروع غير التحرير والعودة، مع الحرص على استقرار وأمن الأردن.
باختصار.. إذا كان العقل السياسي الأردني يدرك هذه المصالح فمن مصلحته إعادة الاعتبار لهذه العلاقة وترتيبها. وإذا كانت بعض القوى المتنفذة ما تزال قادرة على إعاقة ذلك، أو إعادة الاعتبار لتلك العلاقة كما كانت، او عبر أي شكل آخر، فهذا يعني أن الأردن الرسمي لم يدرك بعد، بأن عنوان الشعب الفلسطيني المستقبلي عند حماس، وليس عند أي جهة أخرى، لذلك فالأمر متعلق بإرادة الدولة الأردنية، ومن طرف حماس فهي مرحبة بذلك، واعتقد بأن الأمور تسير عبر قراءاتي بهذا الاتجاه.
أدرك أن هناك قوى شد عكسي وإعاقات متعددة المنطلقات، تسعى لإحباط هذا التقارب، وفي تقديري فإن هذه المنطلقات ليس لها علاقة بمصلحة الأردن، بل هي أوهام وحسابات صغيرة حكمت الاداءات السابقة، ولا تريد أن تدين نفسها، علما بأن المرحلة الجديدة ليست بحاجة إلى محاكمات سابقة، ولا إدانات لمراحل سابقة، إنما بحاجة إلى استدراك، شأنها شأن أي عملية سياسية في إعادة العلاقات والبدء بصفحة جديدة بدون الحديث عن محاكمة المرحلة السابقة.
• وهل إعادة الاعتبار للعلاقة مع حماس يعني بالضرورة إعادة فتح مكاتبها في الأردن؟
- أولا الحوار المرتقب والعلاقة مع حماس، لا يحتاجان إلى وسيط بين الدولة وحماس. ثانيا إن الحوار يمكن أن يفضي إلى مستويات متعددة من العلاقة وكلاهما أقدر على تقدير المصالح المشتركة وتثمينها، وكيفية جدولة هذه العلاقة وإخراجها بصورة تحافظ على مصلحة الجميع، بخاصة عند الحديث عن قضية فلسطينية كقضية مركزية، والأردن في موضع الصدارة، وتعتبر القضية الفلسطينية شأنا داخليا أردنيا لا يمكن التسليم بفك الارتباط مع القضية الفلسطينية، ولا يمكن لأي قرار سياسي او إداري بفك هذه العلاقة.
• وما الذي يمكن أن تقدمه إذاً الحركة الإسلامية هنا في هذا الملف بوضوح لجهة حالة انفراج في العلاقة مع الدولة، في الوقت الذي لم تشهد فيه العلاقة بين الحركة الإسلامية داخليا والدولة ذلك الانفراج بعد؟
- إذا كان المقصود بهذا السؤال تقديم تسهيلات ووسائل تسهل إعادة الاعتبار لهذه العلاقة فليكن، أما إذا كان المقصود به التنازل عن بعض المطالب، فهذا غير وارد. ليس للمطالب علاقة ولا يوجد مجال لعقد صفقات على حساب المطالب الوطنية، فهي ملف مستقل وليس له علاقة بإعادة العلاقة مع حماس أو عودتها أو حتى فتح مكاتبها، ودعيني أقول لمن يراهن على تراجع الحركة الإسلامية عن مطالبها ومقايضة ذلك بعودة حماس، فهذه مراهنة خاسرة وفاشلة.
• هناك تسريبات حول توجه داخلي في الحركة لإعادة دراسة موقفها من الحوار مع الإدارة الأميركية.. ما مدى صحة ذلك، فيما تسعى هي من جهتها لفتح حوارات مع جماعة الإخوان المسلمين في بلدان عربية في ظل الثورات العربية؟
- لا.. لا يوجد قرار لحظي أو آني أو ظرفي أو قريب في المدى المنظور لبحث موضوع الحوار مع الأميركيين، وهو ليس من القطعيات، إنما اجتهادات سياسية، والحركة كانت قررت، وهو قرار ملزم لها على خلفية الاحتلال الأميركي للعراق بالمقاطعة، ويمكن الحديث بكل بساطة في حال إذا صدقت الإدارة الأميركية بوعودها وانسحبت من العراق، فيمكن أن يشكل ذلك مدخلا لإعادة دراسة الموقف.
• في الملف السوري تحاول التحليلات السياسية دوما ربط تطور الأحداث في سورية برفع سقف مطالب الحركة الإسلامية في الأردن؟ كيف تفسر هذا الربط ؟
- هذا يقودنا إلى الاستعجال في إنجاز الإصلاحات، ولذلك ليس من مصلحة الجميع الانتظار شهورا أو أسابيع حتى تنتهي الثورة السورية، ونراهن على رفع المطالب الذي من الممكن أن يكون تطورا طبيعيا، لذلك نأمل أن نحقق النموذج الأردني في الإصلاح بتوافق الإرادة الرسمية والشعبية، والإعاقة والانتظار، لسنا نحن سببه، لكن الجهات الرسمية مطلوب منها الإصلاح.
• الانتخابات الداخلية في الجماعة بما فيها انتخاب المراقب العام، استحقاق قريب. هل سنشهد إعادة اصطفافات مجددا بين تيارات الحركة، وماذا عن الاستعدادات؟
- الاستعدادات ليست بعيدة لكنها لم تبدأ، وهو استحقاق سينتهي مع نهاية شهر نيسان (ابريل) المقبل، وهذه إجراءات داخل جماعة الإخوان أفضل الحديث فيها مع الجهة المعنية، أما عن الخلافات في تقديري، فإن الحركة الإسلامية قدمت نموذجا من التماسك والوحدة والتصدي لمشروع الإصلاح بتناغم كامل، وتجاوزت صفحة الخلافات الماضية، وليس من السهل لأحد أن يجر الحركة إلى إنتاج خلافات مجددا، فالوضع الآن محصن بقناعتي بدرجة كبيرة جدا، ومن أراد من داخل الحركة أو من خارجها أن يراهن على إعادة إنتاج الخلافات السابقة، فهو خاسر، وسيجد نفسه معزولا عن قواعد الحركة الإسلامية.