أهمية التحفيز الذاتيّ عند المعلم
والمعلم بصفته مربيًا بحاجة إلى أن يحرِّض نفسه على اكتشاف قدراته وتنميتها ، وتوظيف مواهبه وتنشيطها، كلما شعر بفتور في همَّته ،أو بتكاسلٍ في عمله، لاسيما أن الإنسان عرضةٌ للفتور في أي عمل يقوم به، والمقصد أن التحفيز الذاتيّ من المهارات التي تطيل عمر النشاط وتطيل الرغبة في مواصلة العمل لتحقيق الأهداف، وبالتالي فهو من أهم المهارات التربويَّة التي يجب على المعلم أن يستصحبها في تنميته لنفسه وللأفراد معه.
وإن كانت الحوافز الخارجيَّة التي يتلقاها المعلم من مصادر خارجيَّة كمديره أو طلابه أو زملائه أو غيرهم تلعب دورًا رئيسًا في تشجيعه ورفع معنوياته، إلا أن الحوافز الذاتيّة تبقى هي المحرك الأساس لأي إنسان نحو المثابرة والتغلب على الصعاب وتحقيق التميُّز والتفوق نظرًا لأهميتها واستمراريتها، على النقيض من الحوافز الخارجية التي قد يتلاشي أثرها سريعًا أو ربما لا تتوفر أصلاً.
والتحفيز الذاتيّ أساسي لإنجاز الأعمال الهامة والصعبة التي تُلقى على كاهل المعلم، فإذا افتقد المعلم التحفيز الذاتيّ فمن المرجح أنه لن يتمكن من التغلب على الصعاب والتحديات التي ستواجهه في عمله، مما سيفقده كثيرًا من فرص النجاح، وسيجعل من المؤهلات التي يحملها لا فائدة منها لعدم توفر التحفيز الذاتيّ، وتصبح مؤهلاته دون أي مردود إيجابيّ في خدمة العملية التعليمية، فالإنسان له قدرة و له رغبة ، و دون تفاعل هذين العاملين لا يتم الاستفادة منه بفاعلية (قدرة x رغبة = فاعلية ).
والتحفيز الذاتيّ لدى المعلم يدفعه نحو العمل بعطاء؛ أي أنه يعمل بدافع حب الآخرين والمصلحة العامة، و يهتم بالطلاب كأفراد من أجل حفز قدرات كل واحد منهم، و يهتم بالجانب النوعيّ من العملية التعليمية ، و يخصص وقتًا وجهدًا كبيرًا لخدمة الزملاء والمدرسة.
والتحفيز الذاتيّ إذا كان سلوكًا لدى المعلم فإن هذا السلوك عاملٌ مهم في تحفيز الطلاب؛ فالمعلم يكون دائماً تحت الملاحظة الدقيقة من قبل طلابه، ويكون موضع تحليل ونقد، وإصدار أحكام عليه، فسلوكه إذا عكس مدى التحفيز الذاتيّ لديه فهذا يسهم في تحفيز الطلاب، على اعتبار أن المعلم قدوة لطلابه، وبالتالي فهو أقدر على تحفيز من يربيهم وتنشيطهم على العمل الدؤوب.
ولا يخلو عمل الإنسان من الأخطاء، والتحفيز الذاتيّ عند المعلم يجعله يتحمل مسؤولية أخطائه كاملة ولا يلقي اللوم على الآخرين، فالوقوع في الخطأ أمر وارد في العمل، لكن المهم أن يتحمل المعلم المسؤولية، والأهم هو التركيز على إيجاد الحلول، بمعنى أن التحفيز الذاتيّ يجعل المعلم أهلاً لمواجهة أي تحدٍّ بكل ثقة.
والتحفيز الذاتيّ عند المعلم يجعله يعمل على مقاربة مخرجات العمل التربويّ إلى مدخلاته قدر الإمكان، مما يسهم بشكل كبير في الإنتاج الجيِّد والارتقاء بنوعية الخدمة التي يقدمها للطلاب، والسعي الدائم على تطوير هذه الخدمة. فالتحفيز الذاتيّ يؤدي إلى ترغيب المعلم في عمله، مما يؤدي إلى رفع مهاراته وقدراته، وبالتالي رفع الإنتاجية الكمية والنوعية لديه، مما يؤدي إلى ضمان أداء العمل بفعالية وسرعة وسد الثغرات التي توجد بين معايير الأداء التي يحددها الرؤساء وبين الأداء الفعليّ.
ومن أهم الطرق المستخدمة لتحفيز الذات تحديد الأهداف التي يريد المعلم تحقيقها، فمن أهم الأمور التي يجب على المعلم أن يأخذها بعين الاعتبار أنه إذا كان يعمل في ضوء هدف ما سيكون أكثر فاعليّة وتحفيزًا عن غيره.
والتحفيز الذاتيّ يؤدي إلى الإنجاز، والإنجاز بدوره يضفي الثراء على حياة المعلم والطلاب، وأيضا على المدرسة، فهو ـ الإنجاز ـ يوضح أن المعلم وطلابه قد قاموا بأفضل ما لديهم لاستغلال ما لديهم من قدرات ومواهب وذكاء لتحقيق الأهداف المنشودة.
والإنجاز بالطبع هو أهم عوامل التحفيز جميعها لأنه يرفع من تقدير الذات والإحساس بقيمة النفس، فهو يعلن للعالم وللجميع أن المعلم ومن معه من طلاب قد اجتهدوا في عملهم، والإنجاز يساعد الطلاب على أن يكون لديهم شعور أفضل نحو أنفسهم، ونحو أعمالهم، ونحو مدرستهم فهو يساعدهم على النمو، وتحقيق أشياء كانت بعيدة المنال قبل ذلك.
والتحفيز الذاتيّ قادر على التأثير على المعلم بالإيجاب في أدائه، بشكل يزيد من ولائه للمدرسة ومساعدتها على البقاء والتطور، وكلنا يعلم بأن أهم عامل من عوامل الإنتاج في المدرسة هو العنصر البشري الذي يُعتبر ركيزة من الركائز التي تبني المدرسة استراتيجيتها عليه؛ حيث إن هذا العنصر الثمين القادر على التطور والسعي إلى تحقيق وتعظيم أهداف المدرسة إذا أحسَّ بالولاء والانتماء والخوف على مصالحها فإن جهده سيكون متميزاً في سبيل نجاح مدرسته.
إذن التحفيز الذاتيّ له أثر إيجابيّ فعَّال في أداء المعلم، مما ينعكس على أداء الطلاب، وبالتالي تحسين أداء المدرسة بشكل عام، فالتحفيز الذاتيّ يجعل المعلم متميزاً في أدائه مما ينعكس على أداء المدرسة المتميز.
وعليه فيجب على المعلم أن يبحث عن الطرق والسبل الكفيلة بتحقيق التحفيز الذاتيّ لديه، وهذه الطرق متنوعة ومتعددة مثل : الإعداد والتحضير لتحقيق الأهداف، وتقدير الذات، والمتعة في العمل، وتعلُّم الجديد، والقراءة حول الموضوع، وغيرها من الطرق الفعًّالة.