االقصة الكاملة : كيف ولماذا سقط البخيت وأقيل الرقاد وماذا دار في العقبة ؟


القصة الكاملة : كيف ولماذا سقط البخيت وأقيل الرقاد وماذا دار في العقبة ؟

جرش-نت

الربيع العربي بنسخته الأردنية  هو الذي دفع مؤسسة القرار لإتخاذ سلسلة من التغييرات العاصفة على مستوى النخب والمناصب العليا خلال اليومين الماضيين دون توفر أدلة  حتى اليوم على قراءة ناضحة لمشهد الحراك الداخلي طوال الأشهر الثمانية الماضية

والفرصة كانت متاحة فعلا حتى الأسبوع الماضي لتجاهل كل دعوات الشارع لإسقاط حكومة الرئيس معروف البخيت عملا بتقليد قديم يحرم تغيير الحكومات بضغط الرأي العام.


لكن المعطيات تغيرت  عندما إرتكب البخيت الخطيئة البيروقراطية الأكبر  فأصر ولأسباب ما زالت مجهولة على إختراع  العشرات من البلديات الجديدة وفصل المئات  من المجالس البلدية عن بعضها البعض رافضا حتى الرجاء الذي تقدم به نائبه المحنك توفيق كريشان  وهو خبير  ملف البلديات عمليا عندما  قال : أرجوك دولة الرئيس لا تفعلها .

لكن البخيت وكما يتضح اليوم عند التعمق بإسباب سقوطه السريع فعلها وإختار   وضعا داخليا موتورا ومتوترا لتقسم بلديات أصلا كانت مقسمة فإنتقل الحراك من ساحات العاصمة عمان المسيسة ذات المطالب المحددة إلى ساحات القرى التي إنقسمت وخلال ساعات أهليا لقسمين الأول يرفض  خطة البخيت في فصل بلديته والأخر يريد الإنفصال.

وعلى هذا الأساس دبت مظاهر الفوضى في كل المجالس البلدية التي بقيت دوما هادئة ووادعة ومظاهر الإحتجاج هنا لم يكن لها علاقة بالملف الدستوري ولا بالإصلاح السياسي ولا بكل القضايا التي  تتسلى بها نخبة عمان المعارضة  وأصبحت البلاد إزاء شكل جغرافي من الإنقسام الأهلي على مستوى القرى الصغيرة فقطعت طرق وإشتعلت مقرات رسمية وأحرقت إطارات في الشوارع وفي بعض الأماكن ظهر مسلحون وأغقلت مصانع بالسلاح.

كل ذلك  كان يحصل فيما يقول  كريشان ووزراء آخرون لرئيسهم بأن النيران تندلع على الهامش والمسألة لا علاقة لها بالحركة الإسلامية ولا بالحراك السياسي فيما كان الرجل يصر وبإحاح غريب على تجاهل الأمر والمضي في خطته بالتعاون مع وزير البلديات الغر والشاب  حازم قشوع.

وفي الأثناء حصل مستجدين لا يمكن إسقاطهما من حساب  عاصفة التغيير التي إجتاحت البلاد مؤخرا فقد إنضم المراقب العام الأسبق للأخوان المسلمين الشيخ سالم الفلاحات لإجتماع {أهلي} نظمه بعض الغاضبين من أبناء  قبيلة بني صخر الحليف القوي للنظام في أطراف العاصمة عمان وكانت رسالة الإجتماع قاسية للغاية فيما إجتهد أحدهم في المؤسسة الأمنية وإتخذ قرارا هو الأغبى بيروقراطيا بعنوان {قطع رجل أحمد عبيدات ومنعه من التحرك براحته في مناطق الشمال}.

إجتماع اللبن كما يوصف نسبة للمنطقة التي عقد فيها إستضافه القيادي في قبيلة بني صخر غازي أبو جنيب الفايز  صعد بسقف النقد إلى ما لم يكن متوقعا أو مألوفا من البنية العشائرية التي تساند النظام  مما دفع الفلاحات للإنسحاب من المكان  عندما سمع من الدكتور أحمد عويدي العبادي دعوة صريحة لإسقاط النظام الملكي قبل ان يستدرك المضيف  ليتحدث عن إجتماع يبغي إصلاح النظام.

لاحقا تبرأ الإسلاميون من هذا ألإجتماع والهتافات الحمراء التي ظهرت في الشارع وزار الديوان الملكي الآلاف من أبناء وقادة بني صخر لتأكيد الولاء والإنتماء في خطوة أثارت أيضا الجدل  وإعتبرت حتى من بعض رجال النظام ليست موفقة.

وفي التتابع الزمني بعد أيام قليلة كان احمد عبيدات الشخصية الوطنية الأبرز في الشمال يضرب ويتعرض لإعتداء منظم في  قرية سلحوب بصورة أثارت الكثير من الضجة بسبب تغطية الإعتداء أمنيا والمجازفات التي نتجت عن حماقة أمنية من هذا النوع.

أخيرا وداخل إجتماعات مجلس الأمن القومي  وعلى إيقاع فوضى البلديات وحادثتي اللبن وسلحوب  جنوبا وشمالا برز مدير المخابرات الأسبق  الجنرال محمد الرقاد كمداقع شرس عن البخيت وخياراته وتوارى بقية صناع القرار عن الأنظار لإن أي سياسي أو مسئول سيخسر فورا إذا ما حاول التصدي لثنائي مؤلف من مدير المخابرات ورئيس الوزراء.

وفي الأثناء كان الملك عبدلله الثاني يستمع في العقبة والعاصمة لأراء العشرات من الشخصيات الوطنية الخبيرة وتحديدا تلك التي خدمت النظام أيام والده الراحل  بحثا عن إستشارة  تنتهي بوصفة آمنة لإحتواء  مأزق النسخة الأردنية من الربيع العربي وهذه المشاورات شملت شخصيات كانت ملقاة على الرف منذ أكثر من عقد مثل طارق علاء الدين  ومصطفى القيسي وعبد الإله الخطيب وعوض خليفات  ومحمد داوودية وسميح عصفورة وسميح البطيخي وعون الخصاونة  والعشرات غيرهم.

والسبب أن الطاقم الحالي العامل مع القصر أصبح أساسا جزء من المشكلة ويخلو من الخبرات السياسية المنتجة اما النصائح فكانت على الفور تجمع على ضرورة وبأسرع وقت إسقاط  الثنائي معروف البخيت ومحمد الرقاد وفورا ودون تردد والتنازل عن القاعدة التي  تحظر التغيير تحت الضغط.

وبعد التوصل إلى هذا الإستنتاج  بدأت عملية البحث السريع عن رئيس وزراء جديد يلبي طموحات المرحلة فإستمزج الدكتور القاضي الدولي عون الخصاونة كحل منطقي ووسط بدلا من المجازفة بتسليم القيادة للرئيس أحمد عبيدات الرجل الذي يريده الشارع على أمل ان يحقق الخصاونة الإختراق الأهم ويتفاهم مع أصدقائه مثل عبيدات وليث شبيلات وقادة الجماعة الأخوانية فيما وصلت برقية للسفير الأردني المقيم قسرا في مكان ليس مكانه في المغرب وهو الجنرال فيصل الشوبكي تقول- نقصد البرقية- إحضر فورا .

وفي الهامش تماما يمكن تسجيل الملاحظة الصغيرة التالية : جميع المعارضين اليوم في الشارع وقادة الحراك هم نخبة من رجال الدولة والعشائر القوية  تم إقصائهم من مواقعهم أو تزويرإلإنتخابات ضدهم أو إستهدافهم وطردهم من وظائفهم في عهد الثنائي نادر ومحمد الذهبي وعلى هامش تزوير إنتخابات عامي 2007 و2010 وهما نسختا الإنتخاب اللتين أشرف عليهما كل من الرقاد والبخيت بصورة محددة

Powered by Blogger | Big News Times Theme by Basnetg Templates

Blog Archive