فضول الجارات لمعرفة أدق التفاصيل يزعج المقبلين على الزواج
جرش-نت
"كم مهرك؟ طيب المؤخر قديش؟ كم كلفك جهازك؟ العريس ماذا يعمل وكم يتقاضى
معاشا؟ متى ستتزوجين؟ قررتما أين ستسكنان بعد الزواج؟..."، وابل من الأسئلة
تلقتها العشرينية ولاء عندما دعت إحدى زميلاتها في العمل لحفلة خطوبتها.
ولم تستطع ولاء أمام محاصرة زميلتها الفضولية التهرب من الإجابة عن استفساراتها التي أمطرتها عليها إلا بالتعميم لترد "مثلنا مثل كل الناس، ولم تتبين بعد بعض التفاصيل".
ولم تستطع ولاء أمام محاصرة زميلتها الفضولية التهرب من الإجابة عن استفساراتها التي أمطرتها عليها إلا بالتعميم لترد "مثلنا مثل كل الناس، ولم تتبين بعد بعض التفاصيل".
ولم تسلم ولاء حتى من صديقاتها وقريباتها من توجيه الأسئلة نفسها وأخرى مشابهة تتعلق بها وبارتباطها بالشاب الذي ستتزوجه، وهو ما شكل لها ضيقا من تدخل الآخرين بأمر تعده خاصا، وكأنها في محضر تحقيق وتضطر أن تقدم إفادة بهذا الشأن، وفق قول ولاء.
وفي الوقت الذي يعد فيه الارتباط فرحة للشريكين وأهلهما، إلا أن ما ينغصها في كثير من الأحيان تدخلات المحيطين واستفساراتهم الفضولية، وهو ما تؤكده الخمسينية أم علاء، التي زوجت ثلاث بنات لها، وفي كل مرة كانت تعايش تجربة الفضوليين سواء من الجارات أو الأقارب حول قيمة المهر وتفاصيل المؤخر، وما إذا كانت هناك شروط في عقد الزواج.
مثل تلك الأسئلة لم تعد غريبة على أم علاء، التي تبيّن أن الأسئلة ذاتها باتت تشكل لها حالة من الاستنفار، لاسيما عندما تصل الأمور الى تفاصيل دقيقة وشخصية، متمنية أن تبلى مثل هذه العادة التي تطبع كثيرا من الأشخاص في المجتمع.
قضية التباهي فيما يتعلق بالزواج، تعد دافعا لكثيرين للاستفسار حول كل ما يتعلق به، وفق الأربعينية عائشة الأم لثلاثة شباب، والتي تقول إن المحيطين بها لا ينفكون عن السؤال حول المهور وتفاصيل الزفاف، متناسين أن التفاهم بين الشريكين وسعادتهما أهم بكثير من المظاهر.
اختصاصي علم النفس الدكتور نظام أبوحجلة، يبيّن أن الأشخاص الفضوليين "ليسوا مرضى نفسيين"، ولذلك يصعب التعامل معهم كمرضى، في حين يستوجب الأمر مواجهتهم بشخصيتهم ومعالجتها سلوكيا ضمن الأطراف المحيطة.
الفضول، فيما يتعلق بالارتباط، سلوك خاطئ، بنظر استاذ علم الاجتماع المشارك في الجامعة الأردنية د.حسين الخزاعي، الذي يرى أنه تقليد الأبناء والفتيات للأهل الذين استخدموا هذا الأسلوب منذ عقود طويلة، وهو قد يؤثر على الطرف المقابل، مبينا أن كثيرين يفصحون عن الخصوصيات المتعلقة بهذا الموضوع تحت ضغط السؤال من قبل المجتمع والأقارب.
الثقة بالنفس وعدم التقليد الأعمى للسلوكات القديمة والعادات السلبية التي يجب أن تتلاشى، هما الحل، وفق استاذ علم الاجتماع المشارك في الجامعة الأردنية د.حسين الخزاعي، الذي يشير الى أن على الأهل أن يتقبلوا تلك الصفات من المجتمع بزيادة ثقتهم بنفسهم والرد على مثل تلك الأسئلة بأجوبة مقنعة ولا تتطرق الى التفاصيل. ورغم أن سلوكات الناس وثقافتهم تفرض الفضول في بعض متطلبات الحياة؛ كالإقبال على الزواج وكثرة الاستفسارات التي تكتنفه، يرى أبوحجلة أن على الأشخاص المعرضين لمثل تلك الشخصيات الفضولية أن يكونوا أكثر وقوة وحزما بالتعامل معهم من خلال تجاهلهم أو عدم الاهتمام لرأيهم بشكل أو بآخر، والرد عليهم بطريقة تبيّن لهم أنهم فضوليون ويتدخلون فيما لا يعنيهم، لأن ضعف الشخصية في مثل تلك الأمور قد يؤدي الى قلق وتوتر من قبل الذين يتعرضون للسؤال.
السبب الرئيسي بمعرفة التفاصيل حول الزواج يعود إلى التنشئة الأسرية، وفق قول الخزاعي، فضلا عن أن كثيرا من الصديقات والأصدقاء والعائلات يفضلون معرفة الحقائق المرتبطة بالخاطبين والمتزوجين.
وليس على منوال العالم الكبير آينشتاين، الذي اعتبر فضوله دافعا لاختراعاته العلمية؛ حيث قال "لا أتمتع بموهبة خاصة، لكنني شديد الفضول"، فالعشرينية بسمة التي تعمل موظفة في القطاع الخاص؛ فضولية لحد كبير، خصوصا فيما يتعلق بمعرفة تفاصيل المهور ومكان سكن العروس وأين ستقضي شهر العسل وغيرها من الأمور المرتبطة بالزواج.
وتفسّر بسمة ولعها بمعرفة التفاصيل بأنه "تنوّر حيال المهور بالمجتمع، وإذا ما ارتفعت أو انخفضت؛ وحتى تتسنى لها معرفة ماذا تريد حين تقبل على خطوة الارتباط".
وما يثير غيظ بسمة "تحفظ البعض على الإدلاء بمثل تلك التفاصيل إلا بعد الإلحاح"، وحول أمر مشابه حصل معها، تقول "سألت والدة إحدى صديقاتي عن مهر ابنتها فأجابتني أنه مثل الناس، ففكرت بالسؤال أكثر من مرة وقلت لها "يعني كم تحديدا؟"، فأجابتني بجواب لم أتوقعه، وقالت: "خمسة متقدم، خمسة جهاز، خمسة متأخر". قاصدة بذلك إبعاد الحسد".
ورغم أن ذلك يجب أن يجنب بسمة التدخل بالأمور الخاصة، لأنها تدخل في باب "الفضول"، إلا أن ذلك لم يثن بسمة عن عادتها التي ترى أنها "ظاهرة قديمة جديدة لن تتغير بين الناس وتفيد في التوعية بشؤون الارتباط".
خبير مهارات الاتصال ماهر سلامة، يؤكد أن مثل تلك الأسئلة لا يجب أن تسأل من قبل الأفراد لأنها "خصوصية، وتتعلق فقط بالمرتبطين وأهل الزوجين"، لافتا إلى أن مثل هذا العادة "موروث اجتماعي متناقل".
وعن كيفية التواصل مع تلك الأسئلة، فالأمر يعتمد على المهارة الأساسية للأفراد، من خلال إعلان الشخص للحاجز الذي يؤكد به للفضولي أن مثل تلك الأمور خصوصية، بحسب سلامة، الذي يرى أنه لا بأس أن تكون الفتاة أكثر قدرة على مواجهة هذا الموضوع.
ويؤكد سلامة أن مثل هذه الأسئلة لا يجب أن يطلع أي فرد خارج أهل الزوجين عليها، مبينا أنه لا بأس من التهكم والسخرية بالأجوبة عند طرح سؤال ما، والذي يرسل إشارة للسائل إلى أنه يتدخل في أمور شخصية، وعليه التوقف فورا عن ذلك.