المياه المسروقة تعادل مشروع الديسي

جرش-نت هاشم خريسات
 
العجز المائي لهذا العام سجل ارقاما قياسية ستكون لها اثارها على ري المزروعات قبيل الشتاء الحالي, لان مخزون السدود كان قد تدنى الى اقل من 40% من مجمل استيعابها نتيجة انخفاض معدلات الامطار خلال الموسم الماضي, وما بقي فيها حتى الان يعتبر غير صالح للضخ في معظمه لانه مجرد ترسبات طينية وملوثات اخرى, مما ادى الى ان يقوم الاردن مؤخرا بشراء حوالي عشرة ملايين متر مكعب من اسرائيل لتلبية الاحتياجات الضرورية ومتطلبات العروة التشرينية الزراعية, وهذا ما يؤشر الى مدى ما وصلت اليه الازمة المائية في دولة تحتل المرتبة الرابعة على مستوى العالم في شح المصادر المائية.!


هذا الواقع المائي الخطير الذي يهدد الجميع يفترض ان يكون له دوره في ترشيد استهلاك المياه على اختلاف استخداماتها على نحو يحافظ عليها من الهدر في الشرب والري على السواء, لكن ما يحدث هو ما يعاكس ذلك تماما اذ ان استنزاف المخزون الجوفي قائم على قدم وساق من اجل مصلحة حفنة من المتنفذين والسرقات المائية من الابار وحتى الشبكات التي تغذي المنازل تفرض نفسها, من دون قدرة على معالجتها ووقف المخالفين عند حدودهم بل انهم يزدادون شراسة في تعاملهم مع محاولات ايقافهم عند حدودهم.!

ابلغ دليل على ذلك ما اكدته وزارة المياه والري ذاتها قبل ايام حين اعلنت ان الابار المخالفة في مختلف المناطق تستخرج منها مياه مسروقة تقدر باكثر من سبعين مليون متر مكعب سنويا, وهي كميات هائلة تقترب من تلك التي ينتظر ان يوفرها مشروع مياه الديسي الذي قد تصل تكاليفه الى حوالي المليار دينار والتي لا تزيد على مئة مليون متر مكعب في السنة, هذا غير الري الجائر خارج اطار مخصصات المزارعين والاعتداءات المتواصلة على الشبكات والخطوط المائية التي يتم الاعلان عن اكتشاف النزر اليسير منها داخل العاصمة احيانا وعلى طريق المطار تحديدا, حيث تستهلك مئات الامتار المكعبة يوميا من المياه المجانية لري مزارع البيوت البلاستيكية.!

حتى حوض الازرق المائي الذي كان يغذي باطن الارض وعلى امتداد سطحها من الواحات التي باتت اثرا بعد عين, لم يعد في مقدوره تزويد الضخ الى العاصمة والزرقاء بالمعدلات السابقة وادى استنزافه هو الاخر بما نسبته 215% من المياه المغذية له الى انخفاض منسوب مياهه الجوفية بمستويات كبيرة مع تدهور في نوعيتها من خلال تزايد نسبة ملوحتها الى ما قد يجعلها غير صالحة لا للشرب ولا للري, اذا ما بقيت الانظمة الزراعية القائمة فيه حاليا والمتجاوزة على المخزون الجوفي بالابار المخالفة وحتى على اراضي الخزينة تغرف المياه من دون حساب لري مزروعات على مساحة حوالي مئة الف دونم بالضخ الجائر الذي لا يراعي سوى المصالح الخاصة على حساب ثروة وطنية نادرة.!

الحديث مزمن والخطط اكثر من الهم على القلب لمواجهة التحدي الاكبر الذي يواجه الاردن في مجال توفير احتياجاته المائية الاساسية للشرب والزرع والضرع, واخرها الاستراتيجية الوطنية للمياه التي تغطي الاعوام 2008م وحتى 2022م, لكن ما يحدث في حقيقة الامر يتجاوز ذلك كله ليفرض اجندات مائية اخرى على حساب الصالح العام, وتتمثل في هدر من دون حساب وسرقات بلا حسيب او رقيب, حتى الابار المخالفة التي يتردد انها تزيد على الالف توقفت عمليات ردمها بعد فترة قصيرة من التهديد بمعاقبة
اصحابها, لتكون الحصيلة النهائية ابارا معدودة على الاصابع ربما لانها جافة اصلا ولا مخزون فيها على الاطلاق.!0

Powered by Blogger | Big News Times Theme by Basnetg Templates

Blog Archive