نقتل الوطن بأيدينا ثم نبكي عليه
قبل عدة أيام كان صديق لي في زيارة عمل إلى إحدى دول الخليج العربي، وآلمني ما سمعته حين أخبرني أن خبر احراق مواطن أردني لنفسه يتصدر صدر الصحف هناك. وكأن كل قضايا الوطن العربي لا تكفي للتزود بالأخبار التي تكفي لسنين، الشاهد من ذلك اننا أصبحنا نقتل الوطن بأيدينا ثم نبكي عليه،
ونحن لا بواكي لنا في خضم هذه الأحداث التي تعصف بمنطقتنا.
إننا بحاجة الآن أن نتصافح ونتصالح ونتسامح، فهل يعقل كل هذا الحجم من الفساد الذي يدور الحديث حوله الآن، وكم من الوقت سنحتاج حتى يبت في امره ؟؟ أم أن تضخيمه أصبح مصدر قوة لقوى شد عكسي لا تريد أن تسير عجلة الإصلاح إلى الأمام..
نعم نحن ضد الفساد، وضد كل من تسول له نفسه بذلك كائناً من كان، ولكن ما هكذا تورد الإبل أيها المواطنون الاردنيون الأتقياء، فكيف يمكن أن نجلب للوطن استثمارات نحن بأمس الحاجة اليها ونحن نقوم بفضح أنفسنا بأنفسنا، فإذا كان كل ذلك يتم ببراءة فتلك مصيبة، وإن كان عن سبق إصرار فتلك مصيبة أكبر..
نتابع ما يجري في فتح ملف أمانة عمان الكبرى.. ومن توقيف لأمينها السابق المعاني ثم الافراج عنه بكفالة، واستبداله بنائبه عامر البشير على نفس القضية المسندة اليه، وكأن كل وزر امانة عمان لا يتحمله إلا شخص أو شخصين، وهي الأمانة التي من الواجب التذكير أن مساحتها تضاعفت أضعافاً مضاعفة خلال العقد الماضي.. وما تبع ذلك من عبء مالي وإداري كبير عليها.. ومن الواجب ايضا التذكير أن عمان ما كانت لتصل إلى ما وصلت إليه دون جهد وسهر وتعب وانتماء، نعم قد يكون هناك خطأ ما هنا أو هناك.. ولكنه خطأ من يعمل ومن يجتهد، فعلى الأقل له أجر مما اجتهد .. لا أن يحاسب ويحجز على أمواله ويوقف على ذمة التحقيق وتغتال كل سيرة حياته الاجتماعية والعملية بطرفة عين.
نعم نحن مع دولة القانون والمؤسسات،، ومع عقد اجتماعي جديد بعد كل ما أصاب نسيجنا الاجتماعي، نتفق بمقتضاه على مبادئ وقواعد وسلوكيات تعيد ضبط ايقاع حياتنا، بعيداً عن الغضب والتسلط والتعسف في استعمال القانون، كي ننسى ونتسامح ونتصالح ونبني الدولة التي يريدها سيد البلاد جلالة الملك عبد الثاني دون تردد أو خوف.
علام منصور