فجوة كبيرة بين واقع المرأة المغربية وصورتها في الإعلام
تجد الطالبة رجاء، أن صورة المرأة في وسائل الإعلام تتسم بالسلبية، فهذه تظهرها بأنها لا تتقن سوى أعباء البيت، أو تصلح للدعاية لتسويق المواد المراد بيعها. وتقول رجاء في حديث مع دويتشه فيله إن "استضافة النساء خلال البرامج التلفزيونية يتم فقط في البرامج الترفيهية الخاصة بالطبخ أو الأزياء". وفي الوقت نفسه تشير رجاء إلى أن هذا الأمر بدأ يتغير قليلا، وأن استضافة النساء تحدث في بعض الأحيان خلال البرامج السياسية.
"المرأة حبيسة نظرة الاحتقار"
الطالبة المغربية رجاء تنتقد الصورة السلبية للمراة في الإعلام وكانت إحدى الدراسات التي جرت على صورة المرأة المغربية في الإعلام قد أكدت وجهة نظر رجاء، وبينت أن الرسائل النمطية التي تسوق لها وسائل الإعلام ترتبط من حيث الأساس بتقديم النساء على أنهن "متهورات" أو"خاضعات" و"غير مثقفات" و"عديمات الخبرة". ويجد واضعو الدراسة أن التلفزة تشكك في قدرة النساء على التوفيق بين مختلف المهام في المجالات المهنية والخاصة، وأن المرأة المغربية التي حققت درجة معينة من التقدير والاعتراف في الوسط المهني، ما تزال حبيسة نظرة الاحتقار وسوء المعاملة في المنزل والشارع.
الباحث في الإعلام والاتصال يحيى اليحياوي يرى أن هذه الدراسة لم تأت بجديد يستحق الذكر، ويقول "إن وضع المرأة في المغرب متدن بكل المقاييس، سواء على صعيد الواقع أو من خلال الإعلام". ويشير اليحياوي إلى رسوخ صور نمطية في الثقافة الشعبية بالمغرب تربط دور المرأة بالمنزل أو الطبخ أو تربية الأطفال"، ويضيف: "أن هذا الأمر يتجلى عموما في الواقع المعاش، ويتكرر في وسائل الإعلام التي تصور المرأة في الوصلات الإشهارية أو الإعلانية بأنها لا تتعدى كونها جسدا أو شكلا خارجيا".
"يجب تقويض المنظومة الذكورية"
الباحث في الإعلام يحيى اليحياوي وعلى الرغم من الإشارة إلى حدوث بعض التحول في النظرة العامة إلى المرأة، فإن اليحياوي يجد أن هذا التحول يبقى محكوما بالخلفية النمطية لصورة المرأة في المجتمع، ويقول: "لا أعتقد أن الأمر يشارف على تحقير المرأة، لكن الواقع بالأرض كما في الإعلام لا يروج للصورة الإيجابية للمرأة كعنصر في التنمية أو في تكوين المجتمع".
ويوضح الخبير اليحياوي أنه لا يوجد طرف محدد مسؤول عن هذه الصورة السلبية للمرأة، لأن الثقافة السائدة في المجتمع تنظر إلى المرأة نظرة دونية إلى حد ما، لا سيما في البادية، حيث ضعف الوعي واعتبار المرأة كجزء من الأثاث المنزلي ليس إلا. ثم يؤكد اليحياوي "أن ما منحه القانون المغربي للمرأة من الحقوق والضمانات لا يكفي للقطع مع الثقافة الذكورية، التي لا تزال تؤسس الخيط الناظم للعلاقة بين الرجل والمرأة وبين المرأة والمجتمع". لهذا من الضروري، حسب رأيه، محاولة تقويض المنظومة الذكورية المسيطرة، والترويج لسلوك المساواة في الحقوق والواجبات، ويضيف: "هذا عمل يجب أن تقوم به المدرسة والجامعة ووسائل الإعلام".
مشكلة مجتمع برمته
بالنسبة ليحيى اليحياوي يجب أن تتكفل المرأة في تحسين صورتها في الإعلام، لكن هذه المشكلة هي مشكلة المجتمع برمته وليست مشكلة المرأة لوحدها. لهذا فإن معالجتها لا يمكن أن تتم من خلال خطاب أبوي وقادم من فوق، بل إن العملية تربوية وبيداجوجية بامتياز. أي يجب أن تبدأ بالمدرسة، ثم بعد ذلك من خلال برامج توعية على مهمة الإعلام في التعامل مع هذه الظاهرة.
وتجد الصحفية المغربية هدى السليماني، أن العديد من الصحفيين يهتمون فقط بكتابة مقالات حول العاهرات أو الساحرات، وتقول في حديثها مع دويتشه فيله: "عندما يتعلق الأمر بإنجازات المرأة يكتبون عنها فقط خلال اليوم العالمي للمرأة، ويتم تجاهلها طيلة السنة، وفي المقابل يقدم الرجل في أبهى صوره خلال السنة بأكملها". ولهذا تؤكد هدى السليماني على ضرورة اهتمام الصحفي المغربي بشكل أكبر بالمواضيع "التي تعطي قيمة للمرأة وتشجع جميع إنجازاتها لأنها حرمت من هذا الحق طيلة سنوات".
مبادرات حكومية لتحسين صورة المرأة
ومن بين المبادرات الحكومية الهادفة إلى تغيير هذا الوضع، التوقيع على ميثاق وطني لتحسين صورة المرأة في الإعلام المغربي، والكف عن التعامل معها كسلعة. وقد جاء الميثاق الموقع سنة 2005 كإطار للعمل على تعبئة مختلف الفاعلين، من أجل الانخراط في تكريس ثقافة المساواة بين الجنسين والنهوض بوضعية الإعلاميات، وإشراكهن في صناعة القرار.
وموازاة مع كل هذه الإجراءات، يلزم الميثاق القطاعات الحكومية المعنية بقضايا المرأة بتنظيم حملات توعية، ودورات تكوينية في موضوع مقاربة النوع الاجتماعي، بتنسيق مع مختلف الأطراف الموقعة على الميثاق.