"الفرنسيه" : الاردن يتخبط في تحديد سياساته الاقتصادية
|
[جرش-نت
.
يعاني الاردن, الذي لا زال بمنأى عن ثورات شعبية تؤثر على العالم العربي, من تخبط في تحديد سياساته الاقتصادية وهو ما اتضح مؤخرا باقالة محافظ البنك المركزي "الليبرالي" لاتخاذه قرارات "فردية" ومعارضته الحكومة علنا.
يقول وزير الاقتصاد الأسبق سامر الطويل لوكالة فرانس برس "ليست هذه المرة الأولى التي يقصى بها مسؤول اردني نتيجة رأيه في السياسات الاقتصادية".
ويرى ان "السبب في ذلك هو غياب التوافق حول السياسات الاقتصادية التي اتبعت في المملكة خلال السنوات الماضية وعدم القدرة على تطوير نموذج اقتصادي وطني قابل للتنفيذ".
واعتبر الطويل ان "المشكلة تكمن في تبني البعض برامج صندوق النقد الدولي دون توليفها لتلائم الخصوصيات الأردنية, ووقوف المحافظين في وجه هذه البرامج دون ان يتمكنوا من تطوير برنامج وطني بديل".
ويقدم الاقتصادي ووزير المالية السابق جواد العناني تحليلا مشابها ويرى ان "الوزراء دائما منقسمون بين مسيسين يقولون انه يجب الحفاظ على الدعم ومراعاة الظرف الحالي والربيع العربي, ووزراء يقولون ان الموازنة لا تستطيع ان تتحمل ذلك".
واعتبر ان "الاختلافات ستخلق عند الناس تساؤلات خاصة اذا ارتبط الموضوع باتهامات فساد, وهذا سيثير تساؤلات حول سمعة الاردن الاستثمارية في وقت نحن بامس الحاجة به الى استثمارات من الخارج".
وتعتبر المملكة الذي يقارب تعداد سكانها 5,6 مليون نسمة ذا "دخل متوسط ادنى" وفقا لتصنيف البنك الدولي, وتقدر نسبة البطالة فيه هما وفقا للارقام الرسمية ب14.3 بالمئة بينما تقدرها مصادر مستقلة ب¯ 30 بالمئة.
واتهم رئيس الوزراء معروف البخيت الاثنين الماضي محافظ البنك المركزي المقال فارس شرف بمعارضة الحكومة والتحريض عليها.
وقال البخيت ان شرف "بحكم انه ليبرالي فانه يؤيد اقتصاد السوق الحر بقوة, وضد توجه الحكومة ويحرض في الصالونات السياسية على النهج الحكومي ومن يماثله في الفكر ويقول ان نهجها خاطئ ويطلب رفع الأسعار". واضاف ان "القرار جاء لإنقاذ المؤسسة من الاغراق بالفردية".
من جانبه, نفى شرف ان يكون قد دفع باتجاه رفع الاسعار او طالب الحكومة بذلك مؤكدا ان "الدعم الذي تقوم به الحكومة على بعض السلع والخدمات يذهب للاغنياء ونسبة 80 بالمئة منه تذهب لغير مستحقيه".
وعقب شرف على تصريحات البخيت قائلا "لا يحق لاحد ان يصنف الاردنيين على قاعدة هذا ليبرالي وهذا غير ليبرالي".
واضاف ان "تبني سياسة السوق الحر لا يعني الاضرار بذوي الدخل المحدود, كنت ولا زلت اطالب بدعم الفقراء وايصال الدعم لهم وليس للأغنياء والاولية هي مكافحة الفساد بكل اشكاله تحديدا في القطاع المصرفي وهذا ما سيعود بالفائدة على كل القطاعات".
واستقالت والدة شرف, العين ليلى شرف, من مجلس الأعيان الثلاثاء تضامنا معه ومنتقدة "تعثر مسيرة الاصلاح" و"تراجع كبير وتأخر في معالجة الفساد المستشري".
وربط بعض كتاب الاعمدة في الصحافة المحلية اقالة شرف بقراره احالة رجل اعمال عربي الى المحكمة على خلفية غسل اموال بقيمة 100 مليون دولار.
من جانبه, يرى المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي ان المؤشرات الاقتصادية في الاردن "سلبية" في النصف الأول من عام 2011 "ابرزها تراجع دخل المملكة من العملات الصعبة".
واضاف ان "هذا مرتبط بشكل اساسي بتراجع الدخل السياحي 24 بالمئة وتراجع الحوالات بمعدل 5 بالمئة تقريبا وجمود شبه تام في التدفقات الاستثمارية وهذا ادى الى تراجع احتياطات المملكة من العملات الصعبة 2,1 مليار دولار والتراجع مستمر".
وقال الدرعاوي ان "الدين العام تجاوز السقف المسموح وهو 65 بالمئة من اجمال الدخل المحلي وهو امر خطير للغاية, خاصة مع تراجع احتياطات العملات الاجنبية وعدم تغطية الايرادات المحلية للنفقات وهذا مرتبط مع تنامي عجز مزمن للموازنة يقارب نظريا 1.5 مليار دولار وعمليا يفوق هذا الرقم بكثير".
وبلغت المساعدات الخارجية مليار دولار, اضافة الى مساعدة استثنائية اضافية من المملكة العربية السعودية بقيمة مليار دولار.
ويقول المحلل الاقتصادي يوسف منصور لفرانس برس ان "معدل نمو الاقتصاد 5,2 بالمئة وهو اقل من معدل نمو السكان البالغ 8,2 بالمئة, وهذا معناه ان الدخل الحقيقي للمواطن تراجع هذا العام".
ويضيف ان "90 بالمئة من نفقات الحكومة هي نفقات جارية وليست رأس مالية. اي ان ما تأخذه الحكومة سواء من الاقتصاد المحلي او معونات تنفقه على اجورها ورواتب وتقاعد موظفيها وليس على تنشيط او تحفيز الاقتصاد".
واوضح ان الحكومة "تنفق 70 بالمئة على رواتب موظفيها الحاليين و10 بالمئة على رواتب المتقاعدين فيما تنفق 10 بالمئة اخرى على فوائد الدين العام", مشيرا الى تجاوز الدين الخارجي 17 مليار دولار.
ويشدد الاقتصادي ابراهيم سيف من مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت على حاجة الاقتصاد الاردني الى "تأثير لاعادة توزيع للنمو".
ويضيف لوكالة فرانس برس "في بعض الأحيان يساهم النمو في توسيع فجوة الدخل بما يؤجج مشاعر الإحباط, خاصة لدى فئات الدخل المحدود والمناطق التي لا تستفيد من النمو".
وحذر صندوق النقد الدولي الدول العربية في تقريره الأخير حول التوقعات الاقتصادية العالمية, من زيادة الانفاق لمواجهة الاستياء الشعبي "التي لا يمكن تحملها على المدى المتوسط".
وتوقع الصندوق نموا بنسبة 5,2 بالمئة في المملكة هذا العام و9,2 بالمئة عام ,2012 مع معدل بطالة 5,12 بالمئة لهذين العامين